-->

القلق و استراتيجيات التخلص منه.. كيف تصبح شخصا أقل قلقا؟


 

عندما يتعامل الانسان مع القلق بشكل منتظم فإنه يكون بذلك قد اكتسب استراتيجيات محددة للتخلص منه، أو بعضاً من المهارات الفعالة والمفيدة للتخفيف من مشاعر القلق هذه على الأقل في الوقت الحالي.

ومن ضمن هذه الممارسات، التنفس العميق الذي يساعد في تهدئة الأعصاب بصفة خاصة، وفي ضبط النظام العصبي بشكل عام، بالإضافة إلى تحريك الجسد بطريقة تساعد في صرف الذهن عن مصادر القلق لبعض الوقت.

لكن يبقى السؤال هنا هل من الممكن تخفيف القلق على مستوى أعمق من ذلك؟ وكيف يمكن أن تصبح شخصاً أقل قلقاً؟

فوفقاً لآخر ما تم التوصل إليه في البحوث والدراسات الحديثة المتعلقة بالقلق، فقد وجد أنه يمكن بالفعل التخفيف من القلق بشكلٍ حقيقي، ولكن هذا الأمر ليس بالسهولة التي قد يعتقدها البعض،

فالقلق هو مزيجٌ معقدٌ من الأعراض النفسية والعاطفية والجسدية  التي يكتسبها الإنسان أو يتعرض لها على مدى عقود أو سنوات طويلة،

فعلى سبيل المثال قد تجد أن الشخص الذي يعاني من قلق اجتماعي يعتقد أن الأخرين ينظرون إليه على أنه غريب، ويتأكد لديه هذا الشعور عندما يتم تعزيز هذه الفكرة من أكثر من شخص بناء على تعامله مع هؤلاء الأشخاص، مما يجعل  التخلص من هذا الاعتقاد أمراً بالغ الصعوبة.


خطة منهجية منظمة للتخلص من القلق

ولكي تصبح كذلك فأنت بحاجةٍ ماسّة إلى خطةٍ منهجيةٍ منظمةٍ سيكون الهدف منها إعادة برمجة عاداتك اليومية، والبدء باستخدام طرقٍ جديدةٍ للتفكير في العالم والوجود من حولك، لأن القلق لا يؤثر علي جسدك فقط بل على عقلك وروحك، و بالتالي إذا كنت مستعداً لأن تصبح شخصاً أقل قلقاً، فإليك فيما يلي بعض الأساليب و الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها، والبدء بإعادة تدريب عقلك، ولن يتوجب عليك سوى أن تختار المناسب منها لحالتك، وأن تقوم بتطبيقها والتركيز عليها لمدة أسبوع كامل.


أولاً: الاستراتيجيات المعرفية

وتتضمن هذه الاستراتيجيات مجموعة من المعلومات و الطرق المعرفية الأساسية والتي تتمثل فيما يلي.

  • التدرب على تمكين الأفكار:

عندما يكون الشخص قلقاً بدرجة كبيرة، فإن الأفكار المثيرة للقلق تراوده منذ الصباح الباكر، و ربما حتى قبل أن ينهض من سريره، وتتمثل تلك الأفكار في "ماذا لو"، مما يقلل قدرة الفرد على مواجهة التحديات اليومية.

  • جرب أن تتدرب على الأفكار الاستباقية التي تمكنك من البدء بمجرد الاستيقاظ: 

كأن تقول لنفسك مثلاً " سأفعل هذا اليوم" وسأستخدم نفس القوة التي جعلتني أصل إلى هذا الحد"، أو أن تكتب لنفسك مجموعة من الأفكار التحفيزية.

  • غير علاقتك مع القلق:

يكمن السبب -في العادة- وراء القلق، في عدم قدرة الفرد على السيطرة على حياته وعلى المفارقات التي تحدث فيها، ولكن عندما تحاول تجاوز تلك الأمور وتتجنب القلق عندها ستتغير رؤيتك تجاه القلق ، ويمكنك أيضاً تغيير علاقتك مع القلق إذا كنت تعاني من نوع القلق المزمن، والذي يشعر فيه الفرد بحتمية القلق. 

وفي الواقع، فإن القلق ليس بالمثمر و ليس بالشيء المفيد كما يعتقد البعض، فهو لا يحفزنا ولا يطور من مهارتنا وفاعليتنا في حل المشكلات كما يشاع عنه، ولذلك من الأفضل بالنسبة لك، وأنت في هذه الحالة أن تترك لنفسك المجال للانتقال إلى فعل أخر بعيد عن الموقف الحالي. 

ثانيا: الاستراتيجيات السلوكية

  • أفضل طريقة لمواجهة القلق هو فعل تلك الأمور التي تخيفك وتسبب و تحفز لديك القلق.
    و كما تعلم -في الحقيقة- فإنك كلما حاولت تجنب المواقف التي تخيفك كلما زاد هذا من قلقك وخوفك أكثر، لذلك أبدأ بتطبيق هذه الاستراتيجية على الفور... من الأن ابدأ بمواقف أقل قلقاً، وصولاً إلى تلك المواقف الأعلى قلقاً وهكذا حتى يختفي قلقك كلياً.

  • اهتم بحاجاتك المادية والبدنية: لقد أصبحنا نعرف الآن أن القلق لا يؤثر على العقل والروح فقط بل على الحالة الجسدية من خلال البعد عن ممارسة الرياضة وعدم اتباع الأنظمة الغذائية السليمة، بالإضافة إلى اضطرابات النوم، مما يعني أن الحالة الجسدية الجيدة تؤثر أيضاً بالسلب على القلق (وتخفف منه)، لذلك من المهم كي تصبح أقل قلقاً أن تهتم بصحتك البدنية بشكلٍ تدريجيٍ، و ذلك بأن تضع لنفسك تمريناً واحداً اسبوعياً، وأن تتبع نظاماً غذائياً سليماً، وأن تهتم بعادات نومك. و بالتأكيد فإن كل تلك الأمور ستساعدك على أن تصبح شخصاً أقل قلقاً.


ثالثا: استراتيجيات اليقظة

  • حدد لنفسك جدولاً زمنياً للسكون:

إن طبيعة القلق تفرض علينا أن نكون في حركةٍ مستمرةٍ، سواءً بدنياً أو عقلياً. مما يجعل من الصعب التوقف عن القلق، لذلك حدد (واصنع) لنفسك لحظات سكون، وقد يكون ذلك عن طريق ممارسة اليوجا لبعض الوقت أو أن تتنفس ببطء لبضع دقائق وأنت مسترخٍ، أو ربما من خلال الاستمتاع بتناول فنجان من القهوة الساخنة وسط منظرٍ بديعٍ للطيور المحلقة.

  • ابدأ في فكرة احتضان عدم اليقين:

قد يأتي القلق بسبب الخوف من فكرةٍ ما قد تسير إليها الأمور في المستقبل. و الأسئلة التي ستثير القلق هي... هل ستكون الأمور بخير؟ أم ستتحول إلى أكثر من خيار؟ أم أنها ستكون سيئة للغاية؟  وفي كل الحالات فالنتيجة ليست معروفة.

وبالتالي فالحياة لا يمكن التنبؤ بها، لذلك من الأفضل أن تترك الأمور تسير كما ينبغي لها أن تسير وتتخلى عن قلقك بشأن المستقبل وتنظر إلى الأحداث على أنها عبارة عن سلسلة من المغامرات، ومن الأفضل أن تستمتع بها.

  • فكر في أن القلق أمرٌ عادي لا مفر منه:

يعتبر القلق من الأمور التي لا مفر منها، وربما تمر عليك أوقات تشعر فيها بالقلق الشديد. ولكن عليك أن تتذكر دائماً بأنك ومن خلال الممارسات التي سبق وأشارنا إليها ستتمكن من التغلب على القلق، وأنك ستقلل من مستوياته لديك.

  • ابتسم دائماً:

صحيحٌ أن هذا الأمر قد يبدو بسيطاً للبعض ولكنه ليس كذلك بالنسبة للأشخاص القلقين. فالابتسامة لها تأثير مباشر ومفاجئ على القلق، لأن المشاعر التي تنتج عن الابتسامة، وتلك التي تنتج عن القلق والتوتر لا يمكن أن تجتمع مع بعضها. فلذلك، وعندما يزداد قلقك، ما عليك إلا أن تستعد لترسم على شفتيك ابتسامة غريضة و سترى تأثيرها السحري بشكلٍ فوري.