أكثر أنواع السعادة التي يقدرها الناس في الحياة


 

عالم نفسي رائد  يشرح نوعي السعادة الأكثر قيمة في الحياة

"أن تكون سعيداً في حياتك" مقابل "أن تكون سعيداً بحياتك".


قال أرسطو Aristotle ذات مرة: " إن السعادة هي معنى الحياة و هدفها ، إنها الهدف الكامل للوجود البشري و غايته".


ما هو تعريف السعادة؟

تُعرَّف السعادة على أنها مصطلح يستخدم لوصف مجموعة من المشاعر الإيجابية ، بما في ذلك الفرح والفخر والرضا والامتنان.

و تصف سونيا ليوبوميرسكي Sonja Lyubomirsky ، باحثة علم النفس الإيجابي positive psychology ، في كتابها "كيفية السعادة The How of Happiness "، السعادة بأنها : "تجربة الفرح أو الرضا أو الرفاهية الإيجابية ، جنباً إلى جنب مع الشعور بأن حياة المرء جيدة وذات مغزى وجديرة بالاهتمام".

و ربما لا تحتاج عزيزي القارئ  إلى تعريف رسمي للسعادة ؛ فأنت ستعرفها بمجرد شعورك بها. هكذا وبكل بساطة.

و وفقاً لعالم النفس المعرفي دانييل كانيمان Daniel Kahneman ،و الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2002 ، فإن السعادة هي "ما أختبره هنا والآن". و هو يجادل بأن السعادة يتم اختبارها من لحظة إلى أخرى.

و لا شك أن الجميع و (بغض النظر عن وضعهم في المجتمع) يهدفون إلى أن يكونوا سعداء.إلا أن السؤال المهم هنا :  ما نوع السعادة التي يريدها الناس حقاً؟

هل ترغب في تجربة السعادة في الوقت الفعلي أو تتطلع إلى أن تكون سعيداً في الحياة بسبب الخيارات التي تتخذها اليوم؟

و يصف كانيمان Kahneman  هذا التمييز بأنه "السعادة في حياتك" ( أي السعادة التي نشعر بها في الوقت الحالي) مقابل "السعادة بحياتك" (السعادة الموجودة في الذاكرة عندما نتحدث عن الماضي وأهم الأحداث في الحياة) .


نوعي السعادة

إذا كانت السعادة مهمة بالنسبة لك ، فإنه سيكون من المجدي لك أن تأخذ لحظة لتكتشف نوع السعادة التي تعني كل شيء بالنسبة لك.

و لنا هنا أن نطرح عزيزي القارئ السؤال المهم : هل تريد أن تكون سعيداً في الحياة ( السعادة المجربة ) أم تريد أن تكون سعيداً بحياتك (السعادة التي تتذكرها)؟

و لاشك أنهما هدفان مختلفان - إذ من الممكن أن يحدد اختيارك إلى أين تتجه في الحياة أو ما هو مهم بالنسبة لك.و من المثير حقاً أن هناك الكثير من الناس لا يسألون أنفسهم عن نوع السعادة الذي يبحثون عنه.

فإذا كنت تبحث حالياً عن مصادر أفضل للسعادة أو مساعي الحياة التي تضمن نوعاً من الرضا ، فقد يساعدك فهم نوع السعادة التي تريدها حقاً في هذا .

و في مقابلة مع كوين Cowen، يجادل كانيمان Kahneman  بأن الناس في كثير من الأحيان لا يجعلون من الأولوية القصوى تخصيص الوقت لفعل الأشياء التي يقولون إنها تجعلهم "سعداء".

و بدلاً من ذلك ، يجادل كانيمان قائلاً :  "إنهم يريدون في الواقع زيادة رضاهم عن أنفسهم وحياتهم. وهذا يقود في اتجاهات مختلفة تماماً عن تعظيم السعادة ".

يقول كانيمان :"إن السعادة تشعرك بالرضا في الوقت الحالي. لكنها في الوقت الراهن. و ما سيتبقى لك هو ذكرياتك. وهذا شيء مذهل للغاية - فالذكريات تبقى معك ، وسيذهب واقع الحياة في لحظة. لذا فإن للذاكرة وزن غير متناسب لأنها معنا ".

و إليكم سؤال نواجهه جميعاً :

 

هل العيش في اللحظة هو الطريقة الصحيحة للعيش؟

معظمنا لا يريد فقط أن يشعر بالرضا في هذه اللحظة. و لكننا نريد القيام بأشياء وأنشطة ومشاريع مهمة ، حتى نتمكن من إلقاء نظرة على حياتنا بارتياح. و هذا جيد ، إذا كان هذا يمكن أن يمنحك الرضا عن الحياة .

إن تجربة السعادة لا تخلو من لحظات من الإحباط - إذ أن مشروع العاطفة لن يكون نزهة في الحديقة ،بل ستكون هناك حتماً لحظات من الارتباك.

فلن تكون عطلة نهاية الأسبوع التي تقضيها في الاسترخاء أكثر تجربة سعيدة لك إذا كان عليك اكتشاف الأشياء أو تنظيمها لتناسب احتياجاتك.

و قد لا يكون جر نفسك من السرير لأداء أفضل أعمالك في الصباح أمراً قابلاً للنسيان  إذا لم تستمتع بهذه العملية.

حيث أن إنجاز أفضل أعمالك في أوقات غريبة ، رغم أنه ليس ممتعاً تماماً ، سيجعل المرء يشعر بالإنجاز في الإدراك المتأخر ، خاصة إذا أدى ذلك إلى تحقيق هدفك على المدى الطويل.

و يوضح كانيمان أن : "الرضا عن الحياة مرتبط بدرجة كبيرة بالمقاييس الاجتماعية -أي تحقيق الأهداف وتلبية التوقعات".

و قد درس كانيمان السعادة لأكثر من عقدين - و بعد بحثه الطويل هذا ، وصل إلى قناعته التالية :

"لقد أصبحت مقتنعاً تدريجياً أن الناس لا يريدون أن يكونوا سعداء، إنهم يريدون أن يكونوا راضين عن حياتهم".


السعادة الحقيقية

بينما يهتم علماء و خبراء السعادة بشكل متزايد بدراسة مصادر السعادة و الرضا عن الحياة ، فإنه من المهم أن تعرف أن التخطيط لحياتك بالساعة أو اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو السنة سيحقق على الأرجح نسخة مختلفة من السعادة.

و تذكر ما قاله سينيكا Seneca ذات مرة : "إن السعادة الحقيقية هي الاستمتاع بالحاضر ، دون الاعتماد القلِق على المستقبل ، وذلك ليس بغية تسلية أنفسنا إما بالآمال أو المخاوف ، ولكن لنسترخي راضين بما لدينا ، وهو ما يكفي ، لأن الأمر بهذه البساطة لا يتطلب شيئاً آخر " .
أحدث أقدم

نموذج الاتصال