القوة المذهلة لأن تكون حاضراً.. أن تعيش اللحظة


 

لابد لك من أن تتعلم كيف تكون حاضراً. فأن تكون حاضراً ( أن تعيش اللحظة ) ، هو ميزة رائعة لها تأثير إيجابي سحري على حياتك بشكل شامل.

"امشي كما لو كنت تقبِّل الأرض بقدميك" (ثيش نهات هان (Thich Nhat Hahn.

كيف يمكنك الحصول على الهدوء و السلام الداخلي في خضم يوم مليء بالتوتر و الضغط النفسي؟

إن الإجابة بسيطة، رغم أنها ليست سهلة التطبيق على الدوام: تعلم أن تكون حاضراً.

و بغض النظر عن مدى خروج أحداث يومك عن سيطرتك، و بغض النظرعن مدى حجم الإرهاق الذي تواجهه في عملك أو حياتك ،

يمكن أن تصبح ميزة أن تكون حاضراً، ميزة رائعة يمكن أن تغير حياتك بشكل كبير، وهو أمر بسيط للغاية.

و عندما سألت الناس عن الأشياء التي تمنعهم من التمتع بيومٍ رائع، فإن بعض الأجابات الشائعة كانت:

  • العمل 

  • الإنترنت 

  • عقلي الذي لا يكف عن التفكير 

  • وسائل التواصل الاجتماعي، الأدوات التكنولوجية الأخرى

أما بالنسبة لي، فهناك الكثير من الأشياء التي قد أصادفها فجأة.

سواءً أكانت أخباراً أو قرارات أو عملاً يلزم القيام به، بعضاً من تلك الأمور:

  • أطفالي الأربعة.

  • عمل المنزل، و التزامات الأولاد.

  • المقاطعات التي لا داعي لها.

  • عدم السيطرة على بعض الأمور.
    فأنا أعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات، و غالباً ما تظهر أشياء عاجلة تحتاج إلى الفحص و الإصلاح على الفور (تعريفها ، و ليس بالضرورة تعريفي).

  • تشتيت عقلي في أمور كثيرة.

الشيء المدهش حقاً: كل هذه المشاكل يمكن حلها بتقنية واحدة. و هي أن تكون حاضراً.


كيف أن التواجد في اللحظة قد يحل المشاكل

 عندما تنظر عزيزي القارىء إلى جميع المشاكل التي ذكرناها، يمكنك أن ترى بوضوح إلى أن المشاكل بالكامل في تكمن في العقل. 

و بالتأكيد فهناك قوى خارجية  قد توجد في العمل و ضغوطه:

على سبيل المثال وظيفة لا تستطيع التكيف معها، الضغوط  الناتجة عن رعاية الأطفال و الأعمال المنزلية.

و لكن المشكلة تكمن في كيفية تعامل عقولنا مع تلك الأزمات الخارجية.

و إذا كنت حاضراً تماماً و بشكل قوي، فإن كل تلك المؤثرات الخارجية لم تعد مشكلة بالأساس، في هذه اللحظة ، و لن تقلق بشأن أي مشكلة أخرى على الاطلاق.

على سبيل المثال،  إذا قاطعك ابنك، يمكنك أن تضغط عليه و ذلك لأنك لديك أشياء أخرى تقلق بشأنها و الآن طفلك يزيد مخاوفك أو يقاطع هدوءك.

أو يمكنك أن تكون حاضراً، و عندها سوف تقدر ذلك الطفل لكونه طفلاً، و أن تكون ممتناً لوجود هذه اللحظة مع الطفل.

كذلك  إذا كانت وظيفتك تتطلب منك التركيز و التعامل مع أشياء عاجلة، فيمكنك أن تشعر بالتوتر لأن لديك أشياءآخرى للقيام بها و لا يوجد وقت كافٍ للقيام بها.

أو أنه يمكنك أن تكون حاضراً و تركز تماماً على هذه المهمة في حينها، و عند الانتهاء من انجاز تلك المهمة ، يمكنك الانتقال إلى المهمة التالية.

و من ناحية أخرى  لا تقاطعنا وسائل التواصل الاجتماعي و الأجهزة التكنولوجية الأخرى إذا أغلقناها و تعلمنا أن نركز تماماً في المهمة الحالية التي نحن بصدد انجازها.

و إذا احتجنا إلى إرسال بريد إلكتروني أو تغريد تويتة على Twitter أو قراءة بعض المدونات ، فيمكننا وضع كل شيء آخر جانباً و انجاز تلك المهمة التكنولوجية التي نحتاج اليها.

إذاً يصبح التواجد و الحضور وسيلة للتعامل مع أي مشكلة، و أي تشتيت، و أي ضغوط. إنه يسمح لكل شيء آخرأن يتلاشى ، و لا يترك إلا أنت بمواجهة ما تتعامل معه في اللحظة الحالية.


كيفية تدريب نفسك على التواجد في اللحظة

طريقة أن تكون حاضراً بسيطة إلى حد ما ، و لكن بالتأكيد ستكون الممارسة هي الأكثر أهمية.

فمعظم الناس لا يتعلمون أن يكونوا حاضرين، لأنهم لا يقومون بممارسة ذلك، و ليس لأنه من الصعب القيام بذلك.

إذ أنك عندما تقوم بممارسة شيءٍ ما بانتظام، ستصبح جيداً فيه تنفيذه.

حيث يصبح الوضع أكثر من كونه مهمة في قائمة مهامك التي تريد القيام بها.

و بالتالي سيصبح الحضور و التواجد في اللحظة، أمراً طبيعياً حينما تعتاد ممارسته و تقوم بتدريب نفسك عليه.


إليك كيفية القيام بذلك:

مهما كان ما تفعله الآن ، تعلم التركيز تماماً على فعل ذلك الشيء الذي تقوم بفعله في الوقت الحالي. و انتبه: لكل جانب من جوانب ما تفعله.

ستتمكن من ملاحظة ،اذا وجدت نفسك منتبهاً بشكل كبير، فانتقل إلى أشياء أخرى لأنجازها،

لاحظ أنك لا تحاول تجنب التفكير في كل الأفكار الأخرى بداخل عقلك، و لكن من خلال إدراكك لذلك التشتت في أفكارك، فقد وجدت طريقة لإعادة نفسك بسهولة إلى مهمتك الحالية التي تريد انجازها.

فقط لاحظ تباين الأفكار فى عقلك .


و لا تنسَ أن تقوم بذلك مرة ثم مرة أخرى، و لا تقلق بشأن عدد المرات التي يجب عليك فعله.  فقط قم بذلك الآن.

و بالفعل يمكن أن يصبح الأمر متعباً و مرهقاً في البداية، إذا لم تكن معتاداً عليه، فلا تقلق بشأن ذلك. خذ قسطاً من الراحة إذا شعرت بالتعب.

و عد و تمرّن مرة أخرى بعد قليل على فعل ذلك. فليس المقصود أن تكون مرهقاً،

إذ يجب أن تلاحظ كيف تتلاشى مخاوفك بسلاسة و استمتع بمهمتك الحالية التي تقوم بها.  

كن سعيداً بكل ما تفعله، و كن ممتناً لأنك قادرعلى القيام بهذه المهمة، و ستتعلم أن أي شيء يمكن أن يكون تجربة رائعة بالنسبة لك، و أي شيء يمكن أن يكون يتحول الى معجزة.

تدرب طوال يومك ، كل يوم قم بفعل ذلك.

إذ أن القليل من تنبيهات اليقظة الذهنية  قد تكون مفيدة لتذكيرك و تعزيز تركيزك في المهمة التي تقوم بها في الوقت الحاضر.

و قد أوصى Thich Nhat Hanh  بأن تكون إشارات التوقف بمثابة جرس اليقظة و الانتباه أثناء القيادة .

و يمكنك العثور على أجراس يقظة مماثلة في كل مكان و في كل مهمة تقوم بها، على سبيل المثال صوت طفلك ، ظهور زملائك في العمل أمامك ، حدث منتظم على جهاز الكمبيوتر الخاص بك ، ضجيج حركة المرور.

و من زاوية أخرى فإن التأمل  يعد طريقة رائعة لممارسة الحضور و التواجد في اللحظة ،

و ذلك فقط لأنه يزيل الكثيرمن التعقيدات و يسمح لك فقط بتعلم أن تكون مدركاً لعقلك و وعيك ، و أن تعيد نفسك إلى اللحظة الحالية و المهمة الحالية التي تقوم بها.

و بالطبع فالأمر ليس معقداً كما قد تظن، إذ يمكن ممارسة التأمل في أي مكان و في أي وقت.

حاول إيجاد مدرس لتعلم كيفية ممارسة التأمل فذلك سيكون مفيداً إذا كان بإمكانك العثور على أحدهم.

تدرب مراراً و تكراراً بخطوات صغيرة سهلة و رائعة. فكل خطوة ستمثل شيئاً رائعاً في حد ذاتها، و كل ممارسة ستساعدك على إيجاد ذلك الهدوء وسط خضم فوضى حياتك.


"اشربوا الشاي ببطءٍ و بتركيز، كما لو كان هو المحور التي تدورحوله الأرض.

و لا تندفع نحو المستقبل ،عش اللحظة الحالية ، فقط هذه اللحظة هي الحياة".

ثيش نهات هانه Thich Nhat Hahn

أحدث أقدم

نموذج الاتصال