هل النوم حاجة مهمة لأدمغتنا


 

هل النوم حاجة مهمة لأدمغتنا: دراسة على ذبابة الفاكهة تفتح الباب على للتساؤل حول هذا افتراض

بدون تلك الساعات الثماني -أو أكثر- من الإغماض الرائع لأعيننا ، يشعر الكثير منا بحالة من الدوار ، و الخمول، البلادة ، و عدم الفائدة على الإطلاق.

و ربما نستطيع أن نجزم بأن النوم يعتبر موازِن و معادل عظيم لجسمنا - فالطيور تقوم بذلك ، والنحل يقوم بذلك ، وكل حيوان لديه

دماغ يفعل ذلك. و لكن دراسة جديدة تشير إلى أنه قد لا يكون ذلك صحيحاً على الإطلاق.

فقد وجدت دراسة نشرت اليوم 20 فبراير/شباط 2019  في مجلة التقدم العلمي The journal  Science Advances  أن بعض أعضاء نوع من ذبابة الفاكهة يمكن أن يؤدي -كنوع من الحذر الشديد من البشر- دوراً عملياً في عدم النوم.

إذ أنه بعد أن أُبقِيت مستيقظة لعدة أيام ، فقد استمرت صحتها وطاقتها بمستويات عالية مثلما كانت في أي وقت مضى ، و ظلت أعمارها -بشكل عام- كما هي لم تتأثر.

وعندما تُرِكت لأجهزتها البيولوجية، فقد غفيت إحدى الذبابات لعدة دقائق في اليوم ، و بقيت تعيش حياتها بدون نوم.

و يؤيد -هذا الاكتشاف- ، و الذي يمثل المرة الأولى التي يتم فيها تحديد نوع حي من الحيوانات يعيش تقريباً بدون نوم ، يؤيد فكرة الباحثين  الذين يشككون في حاجتنا للنوم.


أنام أو لا أنام  To Sleep or Not to Sleep

بدءاً من البشر ، إلى الفيلة ، حتى الحشرات ، لدينا كلنا شيء مشترك واحد: الشخير أو الأزيز بعد الاستغراق في النوم. و لكن

من الغريب أن العلماء ليسوا متأكدين حتى الآن لماذا ننام

. فقد تلاعبوا بالفكرة أو السبب وراء ذلك فقالوا: أنه -النوم- يساعد الجسم على استعادة طاقته ، أو ينظف -الدماغ- من المعلومات عديمة الفائدة ، أو يعيد تغذية النواقل العصبية في الدماغ ، ولكنهم لم يضعوا أيديهم على أي شيء ملموس. وبما أنه من المعروف أن كل حيوان لديه جهاز عصبي مركزي ينام ، فإن البحث عن إجابات لم يتوقف حتى الآن.


حيثيات الدراسة

و لكن دراسةً حديثةً على ذبابة الفاكهة السوداء (أو سوداء البطن) Drosophila melanogaster ، AKA ، قد أعادت الموضوع للواجهة.

فقد قام جورجيو جيليسترو Giorgio Gilestro ، أستاذ علم الأحياء في الأنظمة (بيولوجيا الأنظمة) في إمبريال كوليدج لندن the Imperial College London ، بجمع 881 أنثى و 485 ذكر من ذبابة الفاكهة هذه ، ودرس أنماط نومهم لمدة أربعة أيام.

و استخدم جيليسترو و فريقه تكنولوجيا التعلم الآلي لتتبع التحركات الصغيرة micromovements للذباب ، وهي الحركات الصغيرة التي يقوم بها الذباب عندما يبدو أنها ذاهبة للنوم، و لكنها -الذباب- تبقى جالسة في مكانها.

و هذه الحركات غير المرئية تقريباً -التي ربما تم تجاهلها في دراسات سابقة- أتاحت للباحثين معرفة متى كان الذباب نائمٌ بالفعل.

و في حين كان ذكور الذباب يغُطّون في النوم بنسبة 43% من اليوم ، فقد كانت الإناث تنام أقل بكثير من ذلك، و ذلك -على الأرجح- بسبب الوقت الإضافي (للاستيقاظ) الذي يقضينه في الإطعام ، و وضع البيض بعد التزاوج.

بالإضافة إلى ذلك فإن حوالي نصف الإناث قضين أقل من 20% من وقتهن في النوم ، و كان حوالي 6% منهن قد نمن لمدة ساعة فقط أو نحو ذلك في اليوم.

و ظهر تماماً أن أنثى واحدة -لم تنم فعلياً- كانت مفعمة بالحيوية ، حيث بلغ متوسط نومها أربع 4 دقائق فقط من النوم كل يوم.

و لمعرفة فيما إذا كانت هذه المخلوقات يمكن أن تعيش دون نوم على الإطلاق ، تم وضعها في أنبوب دوّار ، و الذي كان مصمماً لإبقاء الذباب مستيقظاً طوال الوقت، و  كان هذا الأنبوب مجهزاً لإيواء الذباب هناك طوال مدة حياتهم.

و المفاجئة الكبيرة المدهشة التي حصلت ، أن الذباب عاش طول الفترة كأنه في نعاس - مما يوحي بأن النوم كان له تأثير ضئيل أو لا يذكر على أمد حياتهم.

وعندما تم وضع مجموعة مختلفة من الذباب في نفس الأنبوب لمدة 10 أيام تقريباً ثم تم إطلاقها ، خرجت المجموعة نشطة و حيوية كما كانت دائماً.


تستطيع ان تغط في النوم.. و تحلم أيضاً

استناداً إلى هذه النتائج ، يعتقد الباحثون أن النوم قد لا يكون حاجة بيولوجية ، وإنما صفة اكتسبناها من خلال التطور. و نحن نعتقد -حتى الآن- أن قلة النوم ترتبط بالضعف الجسدي و الإدراكي ، وبدون النوم -ربما- لم يستطع أسلافنا -الذين لم يناموا جيداً ☺ - امتلاك العقول الحادة و البنية القوية اللازمة لبقائهم على قيد الحياة.

و يتردد جيليسترو وزملاؤه في البحث لتخطي هذه العتبة. فيشيرون إلى أن ذبابات الفاكهة قد لا تكون شاذة ، وأن بضع دقائق من النوم كل يوم يمكن أن تكون كافية لأدمغتها الصغيرة.

أما البشر فهم مختلفون تماماً ، و على الرغم من ذلك ، يوجد هناك حاجة إلى مزيد من البحوث لمعرفة لماذا ننام.

لذلك حتى ذلك الحين ، تستطيع أن تغط في نوم عميق و تستمتع بالشخير ☺ .

أحدث أقدم

نموذج الاتصال