هل حقاً أن إنقاص الوزن التدريجي أفضل ؟


 

إنقاص الوزن بسرعة قد تكون رغبة ملحة لدى الكثير، في حين أن إنقاص الوزن بشكل تدريجي يأخذ طابع المعقولية أكثر فأكثر.. ما رأيك أنت؟

سنعرض إليكم رأي العلم في ذلك من خلال مقالنا هذا .. فلنستمتع سويةً

ربما تكون قد سمعت -من قبل- أن اتباع نهج بطيء وثابت لفقدان الوزن يحسن الاحتمالات التي ستظل فيها نحيفاً على المدى الطويل.

 وكما تقول الحكمة التقليدية "إذا كان من السهل الحصول على الشيء فمن السهل أيضاً خسارته".

و كما هو معلوم تاريخياً، فإن بعض سلطات الصحة العامة دافعت عن تفوق خطط فقدان و إنقاص الوزن التدريجي.

و كان الاعتقاد السائد هو أن الانخفاض البطيء في وزن الجسم يكون على الأرجح نتيجة لتغيرات نمط الحياة الصحية والصعبة، بينما يميل فقدان الوزن السريع للحد من التكتيك سريع النحافة الذي لا يمكن تحمله في النهاية.

وعلى الرغم من أن طريق التفكير هذا منطقي فإن هذا البحث -الذي أنت بصدد متابعته- يقول عكس ذلك.

تقارير علمية

ففي التقرير الذي نشرته مجلة نيو-إنجلاند للطب New England Journal of Medicine  عام 2013 بعنوان "الأساطير والافتراضات والحقائق المتعلقة بالسمنة"، تم تسليط الضوء على الاعتقاد الخاطئ بأن فقدان الوزن السريع هو أقل قيمة من فقدان الوزن التدريجي.

و تقول كريستا كازازا Krista Casazza، أول مؤلفة للتقرير وأستاذة مساعدة في جامعة ألاباما في برمنغهام University of Alabama at Birmingham: "حتى الآن، إن مجموعة الأدلة لا تدعم الأسطورة القائلة بأن فقدان الوزن التدريجي يحسن من النتائج على المدى الطويل".

و هذا لا يعني أن أحد الأساليب متفوق بشكل واضح على النهج الآخر. و في هذا السياق يقول جوزيف برويتو Joseph Proietto رئيس قسم الرعاية السريرية للسمنة في الاتحاد العالمي للسمنة World Obesity Federation غير الربحي، إن القول المأثور القديم بأنه

" كلما خسرت أسرع في الوزن كان استعادتك للوزن الذي خسرته أسرع " هو خطأ واضح.

المزيد من الدراسات

و في دراسة أجريت عام 2014   ، قسَّم برويتو Proietto وزملاؤه المتطوعين إلى مجموعتين. التزمت إحدى المجموعات ببرنامج "فقدان الوزن السريع" الذي تضمَّن التقيد الشديد بالسعرات الحرارية لمدة 12 أسبوعاً.

أما المجموعة الثانية فكان هدفها هو فقدان (إنقاص) نفس الوزن من خلال إتباع نهج أقل صرامةً لتقليل السعرات الحرارية خلال فترة 36 أسبوعاً.

و بالنظر لنتائج الدراسة، كان قد حقق 50% فقط من أفراد المجموعة (الثانية) التدريجية لفقدان الوزن، المستوى المستهدف لفقدان الوزن، في حين أن 81% من المجموعة (الأولى) السريعة لفقدان الوزن حققت الهدف.

وبعد ما يقرب من عامين من متابعة المجموعتين، وجد برويتو Proietto وزملاؤه أن الأشخاص الذين خسروا من أوزانهم بسرعة لم يكتسبوا مرة أخرى وزناً إضافياً أكثر من أولئك الذين خسروا من أوزانهم بشكل أبطئ.

وقال برويتو  Proietto:" إن معدل استعادة الوزن هو نفسه بغض النظر عن معدل خسارة الوزن، وأضاف أن كلا الفريقين للأسف مالوا لاستعادة معظم الوزن".

نتيجة محتملة

وسواء أكنت تخسر رطلاً ( باوند) سريعاً أو بطيئاً فإن الأبحاث تظهر مراراً وتكراراً أن جسمك يميل للرد استجابة لفقدان الوزن. و أوضح برويتو Proietto أنه "بعد تغيير نمط حياتك ويبدأ الوزن بالنزول تدريجياً سيشعر الجسم بهذا وستبدأ التعديلات الفيزيولوجية بإعادتك إلى النقطة المحددة".

هل سمعت بالهرمونات المحفزة للجوع؟

و في دراسة سابقة كان قد أجراها برويتو Proietto وزملاؤه تم التوصل من خلالها بأن، مستويات الهرمونات المحفزة للجوع – وهي نوع من الهرمونات التي تشجع على استعادة الوزن - ترتفع عادةً استجابةً لخسارة الوزن. و تظل مستويات هذه الهرمونات مرتفعة أيضاً بعد مرور عام،

مما يشير إلى أن الجسم لا يتوقف عن الدفع ضد محاولات فقدان الوزن، حتى بعد فترة ضبط أولية.

و تشير المزيد من الأبحاث إلى أن عملية الأيض تميل إلى التباطؤ عندما يأكل الناس كميات أقل ويفقدون الوزن، الأمر الذي يقاوم أيضاً محاولات البقاء نحيلاً.  وكما يقول برويتو  Proietto: "و هذا هو السبب في فشل النظم الغذائية".

"بعض الناس يفضلون التغيير التدريجي، في حين يرغب البعض في التغيير في الحال والحصول على نقطة تحول. ويظهر بحثنا أنه لا توجد هناك طريقة صحيحة لإتباعها".

سرٌ آخر في الطريق إليك


لماذا يقاوم الجسم أي محاولة  لخسارة الوزن؟

في الإجابة على هذا السؤال، تقول لوزيا هنتز Luzia Hintze و هي باحثةٌ في فقدان الوزن في جامعة أوتاوا في كندا  University of Ottawa in Canada: "هذا يسمى بآلية البقاء على قيد الحياة".

و بالنسبة لمعظم تاريخ البشرية، كانت مصادر الرزق نادرة، و أوضحت هنتز Hintze بأن " البشر الذين نجوا هم الذين كانت أجسامهم أكثر كفاءة في الحفاظ على الطاقة، وأضافت -أيضاً- إنه على الرغم من أن الغذاء لم يعد من الصعب الوصول إليه، إلا أننا مازلنا نتعقب الطرق التي تساعدنا في الحفاظ على مستوى الدهون لدينا".

و قد وجدت دراسة هنتز Hintse’s study التي نُشرت هذا العام 2019 في مجلة بعنوان "علم وظائف الأعضاء والسلوك" Physiology & Behavior أن سرعة إنقاص الوزن لا تُحدِث أيُّ فرقٍ عندما يتعلق الأمر بآليات الجسم للمحافظة على الدهون.

وأوضحت هنتز Hintse : " بأنه لا يوجد فرق -أبداً- وأن هذه التعديلات ستحدث بشكل مستقل عن معدل فقدان الوزن".

وتقول إن المزيد من الأبحاث قد بحثت في معدل فقدان الوزن بين الأشخاص الذين يتناولون الوجبات الغذائية والتي تنطوي على إعادة التوازن للمغذيات الكبيرة - قطع الكربوهيدرات لصالح الدهون أو البروتين ، على عكس النظم الغذائية التي تركز على تقييد السعرات الحرارية.

لكن مرة أخرى، يبدو أن فقدان الوزن بسرعة أو ببطء لا يحدث فرقاً كبيراً. وتقول هنتز Hintseأيضاً: "حتى لو كان هناك تلاعب مع المغذيات الكبيرة ، فإن الآليات التعويضية فيما يتعلق بقوة الشهية والطاقة كانت هي نفسها".

و عندما يتعلق الأمر بخطط فقدان الوزن السريعة مقابل فقدانه بصورة تدريجية، تقول هنتز Hintze إنه يجب على الناس تبني نهج يناسب تفضيلاتهم الشخصية، وأضافت قائلة بأن بعض الناس يفضلون التغيير التدريجي، في حين أن البعض يرغب في التغيير في الحال والحصول على نقطة تحول، ويظهر بحثنا أنه لا توجد طريقة صحيحة لإتباعها".

أحدث أقدم

نموذج الاتصال