الحرمان من النوم: من السهل التحكم في الأفكار غير المرغوب فيها عند الراحة


 

وجدت دراسة أن الحرمان من النوم يجعل الأفكار غير المرغوبة تحدث بشكل متكرر، و يجعل إدارتها أكثر صعوبة.

إذ أن ليس من الشائع الأفكار غير المرحب بها تتبادر إلى عقل الشخص بين الحين و الآخر، .

وفقاً لعالم النفس ماركوس هارينجتون Marcus Harrington من قسم علم النفس في جامعة يورك في المملكة المتحدة ،

"بالنسبة لمعظم الناس ، تمر الاقتحامات الفكرية بسرعة ، و لكن بالنسبة لأولئك [الذين يعانون من] حالات نفسية ، مثل اضطراب ما بعد الصدمة (post-traumatic stress disorder-  PTSD) ) ، يمكن أن تكون متكررة و لا يمكن السيطرة عليها و تكون في نفس الوقت مزعجة ".

و للعلم فالبروفيسور هارينجتون هو المؤلف الرئيسي لدراسة جديدة تبحث في تأثير الحرمان من النوم على الأفكار غير المرغوب فيها.

إذ وجدت الدراسة أن الحرمان من النوم يزيد من تكرار الأفكار غير المرغوب فيها، و يقلل من قدرة الفرد على السيطرة عليها. و قد كانت هذه الدراسة بتمويل من مجلس البحوث الطبية.

و يظهر البحث في مجلة علم النفس الإكلينيكي Clinical Psychological Science.


الأفكار غير مرغوب فيها

يقول هارينجتون: "في الحياة اليومية ، يمكن أن تذكرنا المواجهات العادية بالتجارب غير السارة. على سبيل المثال ، قد تتسبب السيارة التي تسير بسرعة كبيرة على الطريق السريع في استعادة ذكريات غير مرغوب فيها من حادث سيارة منذ سنوات عديدة ".

و مع ذلك ، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من بعض الاضطرابات النفسية ، يمكن أن تكون الأفكار غير المرحب بها تدخلاً متكرراً و مستمراً، و مدمِّراً عاطفياً، في كثير من الأحيان.

و يضيف هارينجتون: "من الواضح أن القدرة على قمع الأفكار غير المرغوب فيها، تتفاوت بشكل كبير بين الأفراد ، و لكن حتى الآن ، كانت العوامل التي تحرك هذا التباين غامضة. حيث تشير دراستنا إلى أن قلة النوم لها تأثير كبير على قدرتنا على إبعاد الأفكار غير المرغوب فيها عن أذهاننا ".

قلة النوم (أو الحرمان من النوم) و ما ينتج عن ذلك من عدم القدرة على إدارة الأفكار غير المرحب بها، قد يكون أيضاً من الأمور المستديمة.

"تشير الدراسة أيضاً إلى أن ظهور الأفكار المتطفلة و الاضطرابات العاطفية بعد نوبات قلة النوم، يمكن أن تخلق حلقة مفرغة ، حيث تؤدي التدخلات المزعجة و الاضطراب العاطفي إلى تفاقم مشاكل النوم ، مما يثبط النوم اللازم لدعم التعافي". حسب راي كبير المؤلفين الدكتور سكوت كايرني Scott Cairney.


الدراسة

قام الباحثون بتجنيد 60 شخصاً يتمتعون بصحة جيدة بمتوسط ​​عمر 20 عاماً للمشاركة في الدراسة.

حيث قام الباحثون بتخصيصهم بشكل عشوائي لمجموعة النوم أو مجموعة الحرمان من النوم.

و كان هناك 30 مشاركاً في مجموعة الحرمان من النوم، و 29 مشاركاً في مجموعة النوم لأن الباحثين استبعدوا مشاركاً واحداً.

و قد كان على المشاركين، التخلي عن القيلولة، و الكافيين، و الكحول في أيام الاختبار.

و قام الباحثون بتدريب كل شخص على ربط صور الوجه إما بالصور السلبية أو المحايدة من نظام الصور العاطفية الدولي International Affective Picture System.

كذلك فقد تعلم المشاركون تقنيات القمع لمساعدتهم على التغلب على الذكريات غير السارة. و بعد تدريبهم ، ذهبوا للنوم طوال الليل.

و في اليوم التالي ، عُرضت على المشاركين وجوهاً و طُلب منهم محاولة قمع الروابط التي أثارتها الوجوه.

و للعلم فقد تمكَّن الأشخاص الذين حصلوا على قسط كافٍ من النوم أن ينجحوا في قمع الأفكار غير المرغوب فيها و ذكروا أن القيام بذلك أصبح أسهل بمرور الوقت.

كذلك أبلغ المشاركون أيضاً عن انخفاض في استجابتهم العاطفية للصور السلبية. و أيد الباحثون ذلك بملاحظات انخفاض في استجابتهم للعرق أثناء مشاهدتهم للصور.

في حين أفاد أفراد من مجموعة الحرمان من النوم أنهم واجهوا صعوبة في قمع أفكارهم. و أفادوا أيضاً أن تجربة الأفكار المتطفلة ثم إدارتها ظلت تمثل تحدياً طوال الدراسة.


لقد أبلغ المشاركون الذين كانوا محرومين من النوم عن زيادة بنسبة 50٪ في الأفكار غير المرغوب فيها مقارنة بأولئك الذين حصلوا على راحة جيدة.

يكتب المؤلفون:

"حتى بعد أن سيطر المشاركون المحرومون من النوم -في البداية- على الذكريات غير المرغوب فيها، و منعوها من التطفل ، فقد كانوا دائماً أكثر عرضة للانتكاسات عند مواجهة التذكيرات مرة أخرى -لاحقاً- مقارنة بالأفراد المستريحين."

وللعلم تشير الدراسة إلى بعض القيود و الشروط. 

حيث أنه نظراً لأن العلماء يعرفون أن النوم يساعد في ترسيخ الحفظ قبل النوم ، فربما لا يتمكن أولئك الذين حرموا من النوم من استخدام تقنيات قمع الذاكرة التي تعلموها في الليلة السابقة كما يمكن لمجموعة النوم.

يقول كيرني:

تقدم هذه الدراسة فكرة مهمة عن تأثير النوم على الصحة العقلية. فإنه إلى جانب اضطراب ما بعد الصدمة و الاكتئاب ، قد يكون لنتائجنا آثار على فهمنا للاضطرابات الأخرى المرتبطة باضطرابات النوم ، مثل اضطراب الوسواس القهري و الفصام ".

أحدث أقدم

نموذج الاتصال