إذا أصبحت تلميذًا لـلحياة، سيكون الجميع معلميك


 

تعلم من ماضي الآخرين حتى تتمكن من تحسين مستقبلك.

كنت طالبًا سيئًا في المدرسة الثانوية.

كان مدرس اللغة الإنجليزية يصرخ بي مرارًا وتكرارًا لانشغالي بكتابة قصص قصيرة أثناء الفصل في الوقت الذي كان من المفترض أن أقوم فيه بنقل القواعد النحوية من السبورة.

كان يخاطبني قائلًا: "توقف عن كتابة القصص الغبية.

إنها مضيعة للوقت. اعتزل قبل حدوث عواقب وخيمة". من الواضح أنني لم أستسلم. واصلت المضي في طريقي. وعلى مدى عدة سنوات، تمكنت من تحقيق دخل بدوام كامل من خلال القيام بشيءٍ أحبه.

كيف؟ لطالما تعلمت من أخطاء ونجاحات الكُتّاب المحترفين. ونتيجةً لذلك، أحرزت تقدمًا في الكتابة أكثر بكثير مما كنت أعتقد أن بوسعي تحقيقه.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى أدركت أن المنطق ذاته ينطبق على علاقاتي وصحتي العقلية وكل جوانب حياتي الأخرى. من خلال التعلم من الآخرين، يمكنني المضي باستمرار وتأنٍ وتحقيق تقدم ثابت نحو الحياة التي أرغب فيها.

صديقي، لا يهم إذا كنت طالبًا سيئًا في المدرسة الثانوية أو الجامعة.

إذا أصبحت تلميذًا للحياة، يمكن للجميع أن يكونوا معلميك. لذلك دون مزيد من التأخير، إليك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لتعليم نفسك:


كن تلميذًا لمشاعر الآخرين

زار أحد أصدقائي المقربين 52 دولة مختلفة حول العالم. يمكنه التحدث بأربع لغات، ودائمًا ما يبذل جهدًا للانغماس في ثقافة المكان الذي يتواجد فيه. وكثيرًا ما نصفه مزحًا بأنه حرباء بسبب قدرته الفريدة على التواصل مع الناس في أي بيئة يتواجد بها.

على مدار العامين الماضيين، تعلمت الكثير منه. ولكن من بين كل ما علمني إياه، هناك درس واحد سيبقى راسخًا في ذهني حتى يوم وفاتي.

فقد حدثني يومًا قائلًا:

"العالم أكبر بكثير من مسقط رأسك. نمتلك جميعًا خلفيات وديانات ومعتقدات سياسية مختلفة والكثير غير ذلك. في الجوهر، كل شخص هو نتاج بيئته. لكن عوضًا عن التركيز على الأشياء التي لا نشترك فيها، من الأفضل التركيز على ما هو مشتركٌ بيننا".

في نهاية اليوم، لا نكون إلا بشرًا. نحاول جميعًا تحقيق أقصى استفادة مهما كانت الظروف التي تعرضنا لها. كن تلميذًا لمشاعر الآخرين. ضع نفسك مكانهم لتفهم ما قد يختلج في أذهانهم.

التعاطف ليس مهمًا فقط ... وإنما ضروريٌ كذلك. بالتأكيد، قد لا نتمكن من الاتفاق مع الجميع على كل شيء.

ولكن إذا استطعنا فهم سبب تفكير شخص ما بطريقة معينة، فسيكون من الأسهل بكثير العثور على أرضية مشتركة بيننا وطريقة للمضي قدمًا.

تعلم من محادثة مع أجدادك

إذا لم يكونوا قريبين منك، فابحث عن شخصٍ مسن للاندماج في محادثة معه. في أغلب الأحيان، ستجد لديهم بعض الندم وشذرات من النصائح المفيدة التي يرغبون في تمريرها إلى الآخرين.

سأعطيك مثالًا. قابلت امرأة تبلغ من العمر 82 عامًا أثناء انتظاري في صالة المغادرة بمطار سنغافورة.

كنا قد خرجنا مؤخرًا من أستراليا بسبب إغلاق الحدود وكنا ننتظر رحلة العودة إلى المملكة المتحدة. نظرت إليّ وسألتني عن عمري.

قلت لها بابتسامة: "21". توقفت، نظرت في عيني، وقالت شيئًا لن أنساه أبدًا. "من فضلك لا تفعل ما فعلته أنا في سنك.

عندما أنظر إلى الوراء، يتملكني الندم جرّاء ما قمتُ به". في البداية، اعتقدت أنها كانت تتحدث عن ارتكاب جريمة أو فعل شيء أحمق.

لكن بعد لحظات قليلة، واصلت قائلةً: "الحياة لا يمكن التنبؤ بها. إنك لا تعرف ما سيحدث في المستقبل. والشيء الوحيد المضمون هو اللحظة الحالية. فاستمتع بها".
استغرق الأمر مني بعض الوقت لاستيعاب ما قالت. لكن بعد التفكير في الأمر، أدركت أنها كانت على حق تمامًا.

غالبًا ما يكون القلق خوفًا من المجهول. متمثلًا في عدم اليقين بشأن ما قد يحدث أو لا يحدث في المستقبل.

إننا نقضي الكثير من الوقت في التفكير في كيفية التصرف في موقف معين. وفي النهاية عندما يحدث، يكون كلُ شيءٍ على ما يرام. وفي أغلب الأحيان، لا يكون هناك ما يدعو للقلق أصلًا.


إذا كان القلق لا يغير نتيجة حدثٍ ما في المستقبل، فما هي الفائدة منه؟

لا توجد. عوضًا عن ذلك، هناك استراتيجية أفضل كثيرًا تتمثل في مواجهة الحياة بابتسام وتقدير جمال اللحظة الحالية. وقد صاغتها «أوبرا وينفري» بشكلٍ أفضل إذ قالت:

"العيش في اللحظة الحاضرة يعني التخلي عن الماضي وعدم انتظار المستقبل. وأن تعيش حياتك بوعي، مدركًا أن كل لحظة تعيشها هي هدية ثمينة".

إذا تمكنت من أن تصبح تلميذًا للحياة، ستصيرُ في النهاية معلمًا.

ستضع ما تتعلمه موضع التنفيذ. ستعيش كل يوم بطريقة تمنحك إحساسًا بالمعنى الحقيقي والإنجاز. ستستيقظ بابتسامة على وجهك، مدركًا أنك تفعل كل ما يلزم لتحقيق إمكاناتك.

إذا لم يكن هذا سبيلًا رائعًا للعيش، فلا أعرف سبيلًا آخر.

لأنه عندما تقوم بممارسة ما تدعو الناس إليه، فإنك حتمًا ستلهم الآخرين للتعلم منك ومن أي شخص آخر يعجبهم. وهكذا، فإن كونك تلميذًا للحياة يخلق دورةً لا نهاية لها من المعرفة تنتقلُ من جيلٍ إلى جيل.

سأترككم مع اقتباس للفيلسوف اليوناني، «إبيكتيتوس»، الذي يلخص تمامًا ما أقوله:

"خبّر نفسك أولًا بما ستكون عليه، ثم افعل ما يتوجب عليك القيام به لتحقيق هذه الصورة".

أحدث أقدم

نموذج الاتصال