اعرف طريقك إلى الامتنان


 

إن الكثير من الناس يعتبرون الامتنان أمراً إيجابياً ، لكننا -للأسف- لا نتوقف دائماً للنظر في مدى قوة الامتنان حقاً.

الامتنان هو صفة روحية تجلب انتباهنا إلى الحاضر ، و هي اللحظة الوحيدة التي يمكننا فيها تجربة الفرح و الحب و الرحمة و السلام.

الامتنان هو أيضاً تأمل ممتع  للقلب و هو ممارسة تؤكد الحياة. فنحن عندما نتأمل في "الامتنان" ، فإن مصدرَ كل العطاء -الوعي

الصافي- سيصبح أكثر سهولة. حيث أننا نبدأ في ملاحظة ما أعطي لنا ، و ليس ما ينقصنا. إننا نرى الحب و الجمال بطريقة حميمة تجعل من الطبيعي أن نعيش اللحظة الحالية.

لقد وجدت الأبحاث أيضاً أن التركيز على الامتنان يمكن أن يحسن بشكل ملموس صحتنا العاطفية و الجسدية ، بما في ذلك صحة القلب.

إن التعبير عن الامتنان يُزيد بشكلٍ كبير من سعادتك و صحة قلبك.


إذاً كيف يمكننا العثور على الامتنان الحقيقي؟

كما قالت الكاتبة و المعلمة  دانا أركوري Dana Arcuri ، "كلما زاد امتنانك لما لديك، كلما تمكنت من العيش برضا و سعادة في الوقت الحاضر".

و من الناحية النفسية، توصلت الأبحاث إلى أن التعبير عن الامتنان يُزيد بشكلٍ كبير من سعادتك و صحة قلبك على الجانب البدني.


إن الامتنان ينشأ عندما نغير علاقتنا بالحياة من موقف الرفض والدفاع إلى موقف القبول و التقدير.

إننا نحتاج جميعاً أن يتم تذكيرنا دوماً بالحقيقة التي عبّر عنها الفيلسوف اليوناني إبيقور Epicurus بقوله،

"لا تفسد ما لديك برغبتك في امتلاك ما ليس لديك؛ و تذكّر أن ما لديك الآن كان يوماً فقط أحد الأشياء التي كنت تتمناها".

 
و عندما تشعر بالامتنان العفوي لأي شيء، لا تدع اللحظة تنفلت من بين يديك. 

توّقف، و وجّه انتباهك نحو قلبك، و استشعر المشاعر الدافئة التي تغمره - هكذا يقود الامتنان إلى تجربة الحب و النعيم.

و في الوقت نفسه يحدث اتصالٌ بين عقلك و جسمك.

يخبرك إحساس الدفء الذي يعتري قلبك أن رسالة الامتنان قد تم إرسالها و استلامها من قبل خلاياك.

و يمكنك تعزيز هذا الاتصال من خلال تخيل الشيء الذي جعلك تشعر بالامتنان له؛ فالتخيّل وسيلة قوية لتركيز نيتك.


ممارسة أخرى للامتنان

هناك ممارسة أخرى جيدة للغاية تتمثل في أن تستلقي على السرير لبضع دقائق قبل النوم لمراجعة ما حدث خلال يومك، و استحضار الأشياء التي شعرت بالامتنان لها، و لكنك كنت مشغولاً للغاية لدرجة عدم ملاحظتها.

و هناك مقولةٌ أخرى تتعلق بمعرض حديثنا، و هي للشاعرة مايا أنجيلو Maya Angelou ، و التي تقول:

 "اجعل الامتنان الوسادة التي تركع فوقها لأداء صلواتك الليلية". 

و بعبارةٍ أخرى، يمكن أن يكون الشعور بالامتنان ممارسةً تعبّدية.

 
و كما هو ملاحظ فإن الكثير من الناس يشعرون بالامتنان على نحوٍ لا يعتريه الكثير من العمق، و خاصةً إذا كانت دوافعهم مادية. 

فامتنانك للوظيفة الرائعة و المنزل الكبير و السيارة الجديدة يُبقي كل شيءٍ سطحياً. و على مستوى عاطفي أعمق، نشعر بالامتنان لعائلاتنا و لصحتنا الجيدة.

بينما على أعمق المستويات، تقر بالامتنان للدعم الذي تحظى به من قبل الطبيعة.

و هذا الدعم الذي يرتكز عليه وجودك كله؛ و الذي يأتي إليك عن طريق الوعي الخالص، و يعبر عن نفسه من خلال نفسك الحقيقية و الصادقة.


فنفسك الحقيقية ترتبط بالوعي الخالص و كل ما ينبع منه. و هناك أيضاً ذاتٌ أخرى، و هي الأنا، التي تتلاعب بالحياة لأغراضها الخاصة. 

فـ الأنا تختار باستمرار بين "أنا أريد هذا" و "لا أريد ذلك". و تستمر الحياة من خلال الحصول على المزيد مما تريد و الأقل مما لا تريد.

بيد أنَّ هذه العملية تتجاهل القيم الموجودة في الذات الحقيقية:

 و هي الحب..  و الرحمة.. و الحقيقة.. و الجمال.. و الاكتشاف.. و الإبداع.. و التطور.


الامتنان هو باب الوفرة

إن بعض هذه القيم تنجح  -حقاً- في الوصول إلى أعماق حياتنا، غير أن حقنا المكتسب بالولادة يكمن في الحصول على المزيد و المزيد منها.

بالتأكيد يعدّ الامتنان وسيلةً لفتح المسار الذي سيجلب لنا المزيد، من خلال الاتصال بذاتنا الحقيقية، وصفاتنا الإلهية ، و طبيعتنا اللامتناهية،  و بالتالي التحدث من داخل القلب. 

لقد علّم بوذا Buddha  مريديه التأمل بالامتنان و الذي يدعى "إسعاد القلب" “gladdening the heart,”، حيث نصح مريديه الطموحين في التفكير في الظروف الرائعة التي دفعتهم إلى البحث عن اليقظة الروحية، و القدرة على تحقيق ذلك.

هناك الكثير و الكثير من الفرص للبدء ، هنا و الآن ، لجلب قوة الامتنان إلى حياتك. فأنت أثناء قيامك بدعوة الموقف الدافئ من التقدير إلى وعيك ، سوف يفيض قلبك بالشكر ، و ستجد أسباباً تجعلك ممتناً أينما نظرت.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال