ماهي المصرفية المفتوحة
الخدمات المصرفية المفتوحة هي ابتكارًا تقنيًا جديدًا في عالم المصارف، يمكن العملاء من مشاركة بياناتهم مع طرف ثالث بمنتهى الأمان، وهذا يؤدي إلى فتح المجال لتقديم خدمات مصرفية جديدة مبتكرة لم تكن موجودة في السابق، فهو باختصار نظام تجميعي للبيانات بحيث تكون جيع البيانات المصرفية مجمعة ومنظمة في قاعدة بيانات شاملة.
والخدمات المصرفية المفتوحة تهدف لخدمة كلًا من العملاء والبنوك والمؤسسات المالية في نفس الوقت، فاليوم في عصر التكنولوجيا أصبحت المصارف مثل كثير من المؤسسات تمتلك ملايين من البيانات، وفي نفس الوقت قد يتعامل العميل الواحد مع عدة مصارف ومؤسسات مالية مختلفة، على سبيل المثال فإن البنوك الاجنبية في السعودية كثيرة ويمكن لعميل واحد فتح حسابين في مصرفين مختلفين والاقتراض من بنك أخر، دون وجود أي رابط بينها أو إمكانية لتبادل بيانات نفس العميل فيما بينها.[1]
وكما اتضح في كثير من المجالات وعصر المعلومات الحديث فإن مشاركة البيانات عبر المنصات والبيئات المختلفة له فوائد كثيرة منها تحسين جودة الخدمة المقدمة للعميل، وهذا ما دفع مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) أن تعلن عن إطار عمل للتحول نحو نظام المصرفية المفتوحة بحلول النصف الأول من عام 2022م.
وفي عام 2016 أخذت المملكة المتحدة زمام المبادرة في بدء اعتماد نظام المصرفية المفتوحة ، وبدأت في إنتاج إطار عمل مصرفي مفتوح يمكن أن يضع معيار موحد للخدمات المصرفية المفتوحة في المملكة المتحدة، وقد دفع هذا أيضًا هيئة السوق المالية البريطانية إلى صياغة التوصيات في تقريرها النهائي الصادر في عام 2016، ووفقًا للتقرير ، يتعين على البنوك الكبرى اعتماد معيار مشترك لواجهات برمجة التطبيقات المفتوحة والحفاظ عليه ، لمعالجة نقص المنتجات المبتكرة والتنافسية في سوق المال.
وفي أوروبا ، يقود توجيه خدمات الدفع (PSD2) واللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) ، والتي تم تصميمها لتنظيم الابتكار المالي ، أوروبا نحو معيار مصرفي مفتوح، كما اتجهت أمريكا وبعض الدول الآسيوية لاعتماد المصرفية المفتوحة في المحافظ المالية، وأبدت اهتمامًا قويًا بمتابعة التقدم التكنولوجي في صناعة الخدمات المالية.[2]
ما هي الخدمات المصرفية المفتوحة
تعرف الخدمات المصرفية المفتوحة أيضًا بأنها “بيانات البنوك المفتوحة” ، والخدمات المصرفية المفتوحة هي عبارة عن ممارسة بنكية توفر لمقدمي الخدمات المالية من الأطراف الثالثة إمكانية الوصول المفتوح للخدمات المصرفية للأفراد والمعاملات والبيانات المالية الأخرى الموجودة لدى البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية، وذلك من خلال استخدام واجهة برمجة التطبيقات.
تتيح الخدمات المصرفية المفتوحة ربط الحسابات والبيانات عبر المؤسسات المختلفة لاستخدامها من قبل المستهلكين والمؤسسات المالية ومقدمي الخدمات من الأطراف الثالثة، وقد أصبحت تلك الخدمات مصدر رئيسي للابتكار الذي يهيئ المجال لإعادة تشكيل الصناعة المصرفية.
في إطار نظام عمل الخدمات المصرفية تسمح البنوك بالوصول إلى بيانات العملاء الشخصية والمالية والتحكم فيها بواسطة مقدمي الخدمة من الأطراف الثالثة والذي عادة ما تكون شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا وبائعي خدمات مالية عبر الإنترنت.
ويطلب عادة من العملاء منح نوع من الموافقة للسماح للبنك بالسماح لتلك الشركات بهذا الوصول،وذلك عبر استخدام مربع الموافقة على شروط وسياسات الاستخدام في تطبيق عبر الإنترنت (يشبه الذي نوافق عليه عند التسجيل في أي تطبيق).
بعد ذلك تمكن واجهات برمجة التطبيقات لموفري الطرف الثالث استخدام البيانات المشتركة الخاصة بالعميل والأطراف المالية الخاصة بالعميل.
وقد تشمل الاستخدامات التي تقوم بها الأطراف الثالثة مقارنة حسابات العميل وسجل معاملاته عبر مجموعة من مقدمي الخدمات المالية المختلفة أو تجميع بيانات عبر المؤسسات المالية المشاركة في النظام والعملاء وتقوم بإنشاء ملفات تعريف تسويق أو إجراء معاملات جديدة وتغييرات في الحساب نيابة عن العميل.
مميزات الخدمات المصرفية المفتوحة
ستجبر الخدمات المصرفية المفتوحة البنوك الكبيرة القائمة على أن تكون أكثر قدرة على المنافسة مع البنوك الأصغر والأحدث ، مما يؤدي بشكل مثالي إلى انخفاض التكاليف وتقديم تقنية أفضل وخدمة عملاء أفضل، فالآن يتعين على البنوك القائمة وحتى افضل بنك في السعودية أن يقوم بنفس المهام القديمة التي تقوم بها المصارف لكن بطرق جديدة لم تتعود عليها وليست موجودة لديها حاليا وغير مصممة للعمل بها، وسيتعين عليها اعتماد ميزانية وإنفاقها لاعتماد التكنولوجيا الجديدة، ومع ذلك ، يمكن للبنوك الاستفادة من هذه التقنية الجديدة لتقوية العلاقات مع عملائهم الحاليين والجدد والاحتفاظ بالعملاء من خلال مساعدتهم بشكل أفضل على إدارة شؤونهم المالية بدلاً من أن تكون مهمتهم مجرد تسهيل المعاملات الخاصة بالعملاء.
يمكن للمقرضين من خلال استخدام الحسابات المتصلة بشبكة الخدمات المصرفية المفتوحة أن يحصلوا على بيانات أكثر دقة خاصة بالوضع المالي للمقترض وتقيم مستوى المخاطر التي يمكن أن تترتب على عملية الإقراض وكذلك يمكن أن تقدم له شروط للقرض أكثر ربحية، كما أنها يمكن أن تقدم للمستهلكين(المقترضين صورة واضحة عن مواردهم المالية وإمكانية تحملهم لديون القروض.
إن من أهم تخصصات مطلوبة للعمل في البنوك هي المحلل المالي وهو الشخص الذي يدرس بيئات الأعمال المختلفة ويحللها، ويمكن لأنظمة الخدمات المصرفية المفتوحة أن توفر للمحللين الماليين ملايين من البيانات والمعلومات المترابطة والمتكاملة، مما يسهل عليهم فهم وتحليل أي نظام مالي بشكل أكثر دقة ووضوح.
مخاطر الخدمات المصرفية المفتوحة
قد تقدم الخدمات المصرفية المفتوحة مزايا في شكل سهولة الوصول إلى البيانات والخدمات المالية للعملاء وتبسيط بعض التكاليف للمؤسسات المالية، ومع ذلك ، من المحتمل أيضًا أن تشكل مخاطر شديدة على الخصوصية المالية وأمن الموارد المالية للمستهلكين ، مما يزيد الالتزامات الخاصة بالمؤسسات المالية تجاه عملائها، وخاصة أن معلومات وبيانات عملاء الأنظمة المصرفية كانت دائمًا هدف للمخترقين والمحتالين، ولأن البنوك تهدفإلى التحول الرقمي بالكامل ، ستتم إدارة عملياتها بالكامل عبر الويب، هذا في حد ذاته يخلق بيئة لفرص أكبر للأنشطة الاحتيالية، وستكون بيانات العملاء المجمعة هدف أكبر للمتسللين والمحتالين بشكل دائم.
وبالطبع لا تخلو واجهات برمجة التطبيقات المصرفية المفتوحة من مخاطر أمنية ، مثل احتمال وجود تطبيق ضار تابع لجهة خارجية لمسح حساب العميل، وهذا سيمثل تهديدًا شديدًا لحساب العميل (بالرغم من أن احتمالات حدوث هذا الأمر قليلة ).
قد تكون المخاوف الأوسع نطاقًا هي ببساطة انتهاكات البيانات بسبب ضعف الأمن أو القرصنة أو التهديدات الداخلية التي أصبحت منتشرة نسبيًا في العصر الحديث ، بما في ذلك انتهاكات من داخل المؤسسات المالية نفسها ، والتي من المرجح أن تظل شائعة حيث تصبح المزيد من البيانات مترابطة بطرق ووسائل أكثر وتزيد إمكانية الوصول إليها من داخل المؤسسات.
إذا تم تطبيق هذا النظام بشكل كلي يجب أولًا إنشاء نظام أمني وسلطة مستقلة للإشراف على معايير أنظمة المصرفية المفتوحة، ومتطلبات الحوكمة وسيتعين على البنوك الامتثال على الفور للائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) و PSD2، وقد يؤدي عدم التوافق مع لوائح GDPR و PSD2 كجزء من إطار العمل المصرفي المفتوح، إلى تعريض البنوك لمخاطر الخسارة المالية أو فقدان سمعتها في سوق الخدمات المالية والمصرفية وخاصة أن البنوك لم تعد ذات طابع محلي، لكن حتى البنوك المركزية أصبحت جزء من النظام المصرفي العالمي.
وفي النهاية فإن السير نحو المستقبل أمر حتمي لا يمكن تجاهله وخاصة أننا في عالم مفتوح أصبحت البيانات هي أغلى شيء فيه، لذلك فإن البنوك التي لا تنخرط في الأنظمة الحديثة، قد لا تجد لها مكان في المستقبل.