الحياة اختيار : حياتك لا تحددها اختياراتك، بل تحددها ردود أفعالك


 

 "ردود الفعل هي الخيارات التي لا تدرك أنك تتخذها".

و للأسف  حتى الأشياء التي نعتقد أنها اختيار ، غالباً ما يتم اختيارها من بين مجموعة من ردود الفعل التي قد لا ندركها.

ربما قد تمت -بالفعل- كتابة أجزاء من قصتك بشكل مسبق . فهناك بعض الحقائق في حياتك و التي ستبقى دائماً حقائق هامة فيها .

كما أن هناك بعض الحقائق التي تخص كل يوم يمر بك و التي ستبقى دائماً حقائق كل يوم.

و عندما نشعر بالعجز  و قلة الحيلة تجاه شيء ما، فذلك لأننا اقتنعنا بفكرة أن اختياراتنا هي وحدها التي تحدد نتائج حياتنا.

و أن قوتنا الحقيقية في الاختيار هي في الواقع تدور حول كيفية استجابتنا لما لم نقم باختياره .

كما أن الطريقة التي نتفاعل بها مع واقعنا هي الكيفية التي نقوم من خلالها بابتكار الواقع التالي الذي سنعيشه.

و عندما نقضي حياتنا في تخيلاتنا حول اليوم الذي سنتمكن فيه من الذهاب بعيداً إلى ما يكمن خلف إنسانيتنا و نكون قادرين على تحديد ظروف حياتنا بكل حرية، فإننا قد نبقى منتظرين إلى الأبد، أو على الأقل سيجعلنا ننتظر عقود عديدة، و نصبح أكثر إحباطاً.

 

قوتنا ليست فيما هو موجود ، ولكنها في الكيفية التي نستجيب فيها لما هو موجود


بعد اختيارك لشريك حياتك، سيكون الأمر متروكاً لك لتقرير كيفية رد فعلك تجاه العلاقة القائمة بينكما كل يوم .

و ذلك في أسوأ اللحظات، و في خلافكما معاً، حتى في أوقات التوتر و الضغط النفسي.

كما أن الأمر متروك لك أيضاً لتقرر الكيفية التي ستتفاعل فيها مع اللحظات السعيدة و الإنجازات التي يتم تحقيقها، و الأمر متروك لك لتقرر الكيفية التي ستتفاعل فيها مع وجودهم بالكامل في حياتك.

و بعد أن تختار مسار حياتك الوظيفية، سيبقى الأمر متروك لك لتقرر كيفية تفاعلك مع كل الفرص الجديدة ، والمشاريع، والعمل الذي بين يديك.

و سيكون الأمر متروك لك في كيفية تفاعلك مع زملائك الذين يصدرون لك كماً لا بأس به من الطاقة السلبية في العمل، و رئيسك غير المريح في تعاملك معه.

و الأمر متروك لك لتقرر كيف تتفاعل حتى مع العمل في المقام الأول ، و ما إذا كنت ممتناً لوجودك فيه، أو ما إذا كان وجودك يسبب لك الضيق.

و بعد أن تختار المكان الذي تعيش فيه، سيكون الأمر متروكاً لك لتقرر كيف ستعيش هناك.

و  لتقرر كيف ستستجيب لبيئتك المحيطة، و ذلك سواء أكنت تتواصل بفعالية مع المجتمع من حولك، أو ما إذا كنت تقوم بالمشي لمسافات طويلة حول المبنى، و ما إذا كنت تهتم بمساحتك الخاصة، و ما إذا كنت تفتح النوافذ و تشعر بالامتنان لمجرد امتلاك منزل على أي حال.

و لا شك أن العمل الداخلي الذي نسعى جميعاً للقيام به لا يتمثل في الكيفية التي سنقوم من خلالها بتغيير الواقع، ولكن في الكيفية التي  نتفاعل فيها مع ذلك الواقع، لأن هذه هي الطريقة التي تحدث بها الكيمياء بالفعل.

 إذا كان هذا العام بالتحديد قد علمنا أي شيء ، فسيكون مدى أهمية ردود أفعالنا.


هناك الكثير مما لا نستطيع التحكم فيه:

حيث  يشعر الكثير من الناس بالاكتئاب و اليأس لأن هذا العام أصبح واضحاً بشكل كبير  أنه و على الرغم من كل الجهود التي بذلت فيها ، فلا تزال الحياة تفاجئنا يوماً بعد يوم.

و ربما لا يزال يتعين علينا التعايش حتى مع أشخاص لا نفهمهم، و في بعض الأحيان لا نتفق معهم. 

بالتأكيد فإن كل لحظة من هذه اللحظات تقدم لنا  فرصة لإيجاد الإرادة الحرة بداخلنا، و هذا لا يعني دائماً أن نكون قاسين وأن نتظاهر بعدم التأثر.

إلا أن سرد تجربتنا الإيجابية ليس دائماً أفضل طريقة للرد، و ذلك لأنها ليست دائماً الطريقة الأكثر مناسبة للرد.

 ففي بعض الأحيان ، يكون أقوى شيء يمكننا القيام به هو البكاء و إظهار الحزن لإطلاق العنان للمشاعر المكبوتة بداخلنا والتخلص منها بصدق.

و عندما يكون هناك واقع يشكل لنا بعض الأزمات، حينها سنفتح قلوبنا بصدق ونكشف عن حقيقة ما بداخلنا من حزن.  

أما في بعض الأحيان ، فيكون أقوى شيء يمكننا القيام به هو الراحة و الاسترخاء، و أن نترك أنفسنا تماماً للتخلص من كل المشاعر السلبية.

و عندما يرهقنا الواقع، نستعيد طاقتنا. 

و في بعض الأحيان ، يكون أقوى شيء يمكننا القيام به هو أن نسمح للإجابات المختلفة أن تصل إلينا ،و ذلك لأن محاولة الوصول إليها أحياناً يبقيها بعيداً عن متناولنا.

و في أحيان أخرى، ، يكون أقوى شيء يمكننا القيام به هو التوقف عن كل ما نفعله و محاولة الضحك، لأن الحياة عصيبة للغاية، و لأن هناك الكثير مما لا نستطيع نتوقعه ، و ذلك لأننا جميعاً نأخذه على محمل الجد، و لأنه مؤقت على أي حال.

 و حتى الأشياء التي نعتقد أننا نختارها غالباً ما يتم اختيارها من بين مجموعة من ردود الفعل التي قد لا ندركها.


تجربتك الأساسية هي الخط الأساسي الخاص بك:

أنت تجلس حيث تجلس الآن.

و لقد عبرت المسارات مع الأشخاص الذين عبرت معهم بالفعل .

 فأنت لا تختار شريكاً أو رفيقاً من بين 3 مليارات مرشح للاختيار، بل تختارهم من المجموعات الصغيرة التي تصادف أن تلتقي بها من خلال سلسلة من الظروف و الأحداث.

و أنت لا تحدد مسار حياتك المهنية من مجال الاحتمالات المتعددة اللانهائية، بل تختاره من تقاطع طريقي مهاراتك و اهتماماتك مع بعضهما البعض و حيث يوفر السوق فرصة للاستفادة منها.

كما  أنك لا تحدد ظروف اليوم، و ذلك على الرغم من أنك قد تكون حددتها بالفعل في الماضي، و على الرغم من أن بعضها قد تم اختياره لك. و كل ما يمكنك فعله الآن هو المضي قدماً، و الاستجابة لما هو بين يديك الآن، ثم الاستمرار من تلك النقطة.

 

أي شيء آخر يحارب حياتك و يشعرك بإحباطك.

بدلاً من محاولة التحكم في كل شيء من حولك، اعمل جاهداً على محاولة التحكم في رد فعلك على كل شيء من حولك.

و دعني هنا عزيزي القارئ أطرح عليك الأسئلة التالية :  

  • هل يمكنك رؤية بصيص الأمل حيث يرى الآخرون طرقاً مسدودة ؟   و

  • هل يمكنك رؤية الضوء في نهاية النفق المظلم حيث يرى الآخرون الأفق منغلقة  ؟  و

  •  هل يمكنك أن ترى فائدة ايجابية لا يراها غيرك حيث يرى الآخرون الضرر ؟   و

  • هل يمكنك أن تجد الامتنان فيما شعر الآخرون فيه بعدم الرغبة عندما يرى الآخرون عدم الرغبة ؟  و

  • هل يمكنك العثور على الحد الأدنى من التفاؤل  حيث يرى الآخرون اليأس ؟ و هل يمكنك التفكير في البدايات حيث يرى الآخرون النهايات ؟

 و إذا لم تكن لديك القوة الكافية لذلك في الوقت الحالي، فهل يمكنك على الأقل  أن تشعر ببعض الارتياح والامتنان لكل ما لديك في هذا العالم ؟

 أتمنى أن تفعل ذلك ، و تذكر:  إن ما يؤثر على حياتنا بشكل كبير ليس ما نتحكم فيه ، و لكنه الكيفية التي نستجيب فيها لكل ما لا نتحكم فيه.




أحدث أقدم

نموذج الاتصال