هل يمكن لـ الأوكسيتوسين " هرمون الحب " علاج مرض ألزهايمر؟


 

في الدراسات المختبرية باستخدام أنسجة الدماغ ، بدا أن الأوكسيتوسين oxytocin يعكس تأثير بروتين سام متعلق بمرض ألزهايمر، على خلايا الدماغ.

و قد يستعيد الهرمون "مرونة" الخلايا الحيوية للذاكرة و التعلم.

و للعلم ينشأ هرمون الأوكسيتوسين في جزء من الدماغ يسمى تحت المهاد.

و يلعب الأوكسيتوسين أدواراً مهمة في الولادة و الرضاعة الطبيعية و الترابط الاجتماعي.

و قد يسهل أيضاً الارتباط الرومانسي romantic attachment.

إذ يطلق الجسم هذا الهرمون أثناء النشاط الجنسي ، و تكتسب المادة الكيميائية سمعتها الشعبية بأنها "هرمون الحب" love hormone.

و يشير دور الأوكسيتوسين المرتبط بالارتباط الاجتماعي إلى أنه يمكن أن يساعد أيضاً في علاج القلق الاجتماعي social anxiety و التوحد autism.

و يعد تأثيره على الذاكرة أقل رسوخاً ، لكن دراسة قديمة على الفئران وجدت أنه يمكن أن يحسن التعلم المكاني و الذاكرة على المدى الطويل.

و في الآونة الأخيرة ، تساءل باحثون في جامعة طوكيو للعلوم في اليابان و جامعة كيتاساتو ، أيضاً في طوكيو ، اليابان ، عما إذا كانت المادة الكيميائية يمكن أن تساعد في حماية الخلايا العصبية في المراحل المبكرة من مرض ألزهايمر.


فقدان الذاكرة التدريجي Progressive memory loss

إن مرض ألزهايمر هو الشكل الأكثر شيوعاً للخرف dementia ، حيث يصيب أكثر من 5.5 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها، و ملايين آخرين حول العالم.

يعاني الأشخاص المصابون بمرض ألزهايمر من فقدان الذاكرة التدريجي و التدهور المعرفي.


و تقترح نظرية رائدة أن تراكم كتل بروتين سام يسمى بيتا أميلويد في الدماغ يسبب مرض ألزهايمر. و مع ذلك ، فإن الأبحاث الحديثة جعلت هذا الرأي موضع تساؤل.

و قد وجدت دراسة أقدم أن حقن بيتا أميلويد الاصطناعي في أدمغة الفئران تسبب في مشاكل في التعلم والذاكرة.

كذلك وجدت دراسة أخرى ، هذه المرة من عام 2000 ، أنه عندما قام العلماء بتطهير شرائح من دماغ الفئران في طبق يحتوي على بيتا أميلويد ، فإنه يمنع "التقوية طويلة المدى" (LTP Long-term potentiation) ، وهي الآلية التي تسمح للخلايا العصبية بتشفير الذكريات (زيادة قوة النبضات العصبية على طول المسارات التي تم استخدامها سابقاً، على المدى الطويل).

و تحدث LTP عندما تنطلق أعصاب مختلفة في وقت واحد ، مما يقوي التوصيلات الكهربائية أو "المشابك" التي تمر الإشارات بينها.

و يبدو أن أميلويد بيتا يضعف قدرة الخلايا العصبية على تقوية نقاط الاشتباك العصبي بهذه الطريقة ، و التي يشير إليها علماء الأعصاب باسم "اللدونة" plasticity.

و قد يكون جزء من الدماغ يسمى الحُصين ، الذي يشارك في تكوين ذكريات جديدة ، عرضةً بشكل خاص لهذا الضرر.


استعادة اللدونة

في أحدث دراسة ، أكد الباحثون في اليابان لأول مرة أن تخليل خلايا الدماغ من منطقة الهيبوكامبي (مركز العاطفة و الذاكرة و الجهاز العصبي اللاإرادي) لدى الفئران مع بيتا أميلويد يثبط LTP ، مما يقلل من مرونة الخلايا.

ثم اكتشفوا أن الأوكسيتوسين يبدو أنه يعكس هذا الضعف.

و للتحقيق في ما إذا كان الأوكسيتوسين متورطاً بشكل مباشر في استعادة ليونة الخلايا العصبية ، فقد أجرى الباحثون تجربة أخرى.

فقبل نضح أنسجة دماغ الفأر بالبيتا أميلويد ، قاموا بمعالجته مسبقاً بمادة كيميائية تمنع مستقبلات الأوكسيتوسين على الخلايا العصبية.

و كما كان متوقعاً ، بعد هذا العلاج ، لم يعد الأوكسيتوسين قادراً على استعادة اللدونة المفقودة للخلايا العصبية.

يقول البروفيسور أكيوشي سايتو Akiyoshi Saitoh من جامعة طوكيو للعلوم Tokyo University of Science ، قائد الدراسة: "تم مؤخراً، اكتشاف أن الأوكسيتوسين يشارك في تنظيم التعلم و أداء الذاكرة ، و لكن حتى الآن ، لم تتعامل أي دراسة سابقة مع تأثير الأوكسيتوسين على ضعف الإدراك [الناجم عن بيتا أميلويد]".

و يضيف سايتو : أن هذه هي الدراسة الأولى في العالم التي أظهرت أن الأوكسيتوسين يمكن أن يعكس الاعتلال  في حصين (الهيبوكامبوس) الفئران  - التي يسببها أميلويد بيتا ".

و قد ظهرت النتائج في مجلة Biochemical and Biophysical Research Communications.


هل يمكن اعتبار هذا الكشف علاجٌ لفقدان الذاكرة؟

يقترح العلماء أن الأوكسيتوسين يمكن أن يكون له إمكانات كعلاج لفقدان الذاكرة المرتبط بمرض ألزهايمر.

يقول البروفيسور سايتو: "في الوقت الحاضر ، لا توجد أدوية مرضية بما يكفي لعلاج الخرف ، و العلاجات الجديدة بآليات عمل جديدة مرغوبة".

و يضيف: "توضح دراستنا الاحتمال المثير للاهتمام بأن الأوكسيتوسين يمكن أن يكون طريقة علاجية جديدة لعلاج فقدان الذاكرة المرتبط بالاضطرابات المعرفية مثل مرض ألزهايمر".

نتوقع أن تفتح نتائجنا مسارًا جديدًا لإنشاء أدوية جديدة لعلاج الخرف الناجم عن مرض ألزهايمر - البروفيسور أكيوشي سايتو


ومع ذلك ، لم يشمل البحث حتى الآن سوى التأثيرات الحادة لبيتا أميلويد و أوكسيتوسين على شرائح أنسجة المخ في المختبر.

و للتأكيد فإن مرض ألزهايمر هو حالة معقدة و غير مفهومة بشكل جيد، و تتطور تدريجياً على مدار عدة سنوات.

و بالطبع سيكون هناك الكثير من العمل الضروري لاختبار التأثيرات التصالحية للأوكسيتوسين على اللدونة العصبية في الحيوانات الحية.

و إذا نجحت ، فمن المرجح أن تتقدم الجهود إلى البحث السريري في البشر.

و في النهاية يلاحظ العلماء في ورقتهم أن العائق الرئيسي أمام تطوير علاج قابل للتطبيق، هو حقيقة أن حاجز الدم في الدماغ يضعف مرور الأوكسيتوسين إلى الدماغ.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال