-->

كيف تتم تنشئة الطفل الذي يحب القراءة ؟


 

تختلف نظرة الصغار إلى القراءة عن نظرة الكبار، فالصغار لا ينظرون إلى القراءة على أنها مجرد هواية يقومون من خلالها بقضاء الوقت، بل ينظرون إليها على أنها وسيلتهم لفهم العالم المحيط بهم في سن مبكرة، وقد وجد الباحثون أن القراءة في المنزل تعزز من قدرة الدماغ على النمو وخصوصاً لدى الأطفال الصغار

حيث تساعد القراءة على نمو المفاهيم الخاصة بالطفل، وأيضاً تعمل على تعزيز قدرتهم على التركيز، إلى جانب تحسين النمو الاجتماعي والعاطفي أيضاً لديهم، مما يقلل من احتمال الإصابة بالعديد من الاضطرابات النفسية مثل القلق والتوتر وغيرها من المشاعر السلبية الأخرى

ونظراً للفوائد العديدة للقراءة فقد أصدرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بيان لها عام 2014، ينص على وجود سياسة عامة تحث الآباء على ضرورة القراءة لأطفالهم في سن مبكرة.

وبناءً على ما سبق، أصبح العديد من الآباء يبحثون عن طرق تنشئة الطفل الذي يحب القراءة، لخلق قارئ متحمس منذ الصغر

وبخصوص هذا الأمر تقدم لكم عميدة وأستاذة  القراءة في جامعة ماونت سانت ماري Mount St. Mary’s University في ماريلاند Maryland باربرا ماريناك Barbara Marinak وصفة بسيطة وسهلة، يمكنكم من خلالها البدء بوضع الأساس حول كيفية القراءة وماهية القراءة.

كيف تتم تنشئة الطفل الذي يحب القراءة؟

  • من خلال جعلهم يعتادون على الكلمات- الكثير منها

تقول باربرا ماريناك Barbara Marinak إن الطفولة في سن ما قبل المدرسة تحتاج إلى إجراء الكثير من المحادثات العميقة والمليئة بالكلمات، حتى يتم تطوير المهارات اللغوية لدى هؤلاء الأطفال، فكلما كانت هذه المهارات أقوى كلما زاد هذا الأمر من استعداد الطفل عند رؤية كلمات أخرى لأول مرة

لذلك لا تظن أن ثرثرة طفلك دون فائدة، فكما تقول ماريناك استمع لطفلك ودعه يتكلم حتى وإن اضطررت للإجابة على مليون سؤال "لماذا" في نفس الوقت، ليس هذا فقط بل أطلب منه أن يروي لك أدق التفاصيل في القصة التي يخبرك بها.

إن القراءة مهمة للأطفال حتى قبل أن يصبحوا آلات للتحدث ، لذلك من المهم أن تقرأ لهم بشكل مستمر وتشجعهم على القراءة والتعلق بالكتب، يقول أستاذ علم النفس التربوي في جامعة إلينوي University of Illinois في أوربانا-شامباين Urbana-Champaign ، ريتشارد أندرسون Richard Anderson . و يضيف أندرسون إذا كان بإمكانك جعل وقت القراءة يبدو وكأنه شيء مميز ، فسيكون أفضل: "أنك تحتاج أن تخلق حدثاً ممتعاً وحميماً". إن روتين قصة النوم يعتبر وسيلة رائعة للقيام بذلك.

تكبكب على طفلك ، واجعل القصة تفاعلية عن طريق طرح الأسئلة عليه حول ما يحدث في الكتاب. ولكن في أوقات أخرى من اليوم -تكون جيدة للقراءة- لا داعي لتقييد وقت قصتك أو إضافة أي نوع من المؤثرات اثناء القراءة.

  • قراءة نفس القصة مراراً وتكراراً

عندما يصل الأطفال إلى مرحلة معينة من النضج تمكنهم من التعبير عن آرائهم الخاصة، قد تجدهم يطلبون إعادة القصص التي رويت لهم العديد من المرات. و تقول ماريناك، قد تجد أن هذا الأمر ممل ومثير للجنون لك،

لأنهم لا يطلبون هذا مرة واحدة بل مراراً وتكراراً، ولكن بالتأكيد أنت لا تعلم أن هذا الأمر مفيد من الناحية التطويرية. و تشجع ماريناك الآباء على مقاومة الرغبة في تخطي بضع صفحات أو اقتراح شيء آخر ، إذ لابد على الآباء قراءة كتاب بالكامل عدة مرات كما يريد الطفل. إن الأطفال في هذه الحالة يعززون من ذاكرتهم، ويقومون بتطوير علاقة ثقة بأن الكتاب لن يتغير". 

  • القراءة أمام الأطفال 

من الخطأ أن تجعل من الكتب في بيتك مجرد ديكورات فقط، وتقول بأنك ترغب في أن يكون طفلك قارئ ومحباً للقراءة والمعرفة. فإذا كنت تريد أن تحبب أطفالك بالقراءة فاحرص على أن يروك أنت والأخرين المحيطين بهم تحبون القراءة، و تواظبون على قراءة الكتب دائماً

حيث أشارت دراسة تم إجرائها في عام 2019، شملت هذه الدراسة عينة ضمت 2,700 من الأطفال والآباء والأمهات -من جميع أنحاء الولايات المتحدة- وتم التوصل من خلال هذه الدراسة إلى أن، وجود أشخاص يحبون القراءة في حياة الأفراد داخل هذه العينة شبه منعدم، لذلك فهم لا يفضلون القراءة ولا يميلون إليها.

وباختصار إذا رغبت في جعل أطفالك يتعلقون بالقراءة والكتب فاحرص على القراءة أمامهم، للاستفادة من النمذجة وتقليدهم لك، وتخلى قليلاً عن رغبتك في الحصول على بعض الهدوء للقراءة. و بالطبع لا نقصد بذلك أنك لا تستطيع القراءة أثناء وجود الأطفال على السرير، بل أن المقصود من هذا الأمر هو أن تحرص على أن يكون معظم وقتك الذي تقوم فيه بالقراءة يتم أمام هؤلاء الأطفال، ولا تقتصر القراءة على الكتب فقط، بل هناك أيضاً المجلات والبريد وغيرها من الأمور الأخرى.

  • اترك لهم مسئولية الاختيار

عندما يصبح الاطفال ناضجين بما يكفي وقادرين على القراءة من تلقاء أنفسهم ، اترك لهم حرية اختيار ما يرغبون في قراءته، فالاختيار بالنسبة للبشر هو الدافع الأقوى على الإطلاق، ليس في القراءة فقط بل في كل شيء بلا استثناء، لذلك هو أساسي بالنسبة للكبار والصغار.

ففي تجربة قامت بها ماريناك -تم إجراءها على أطفال الصف الخامس- في أحد المدارس في عام 2012، والتي ترك فيها حرية التصويت للكتاب التالي الذي سيقرأه المعلم في الفصل بصوتٍ عالٍ، كان من نتائج هذه التجربة أن أصبح هؤلاء الأطفال متحمسون بدرجة كبيرة للقراءة.

و تقول ماريناك -في هذا السياق- أنه يمكن للوالدين خلق نفس هذا التأثير في المنزل، عن طريق إتاحة الفرصة للأطفال باختيار قصة لهم من بين العديد من الخيارات.

ويبرز تقرير الدراسة أيضاً أهمية الاختيار. فقد اكد التقرير أن 89% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 17 سنة قالوا أن كتابهم المفضل هو كتاب اختاروه، وقال 88% أنهم كانوا أكثر حماسةً لإنهاء كتاب اختاروه بأنفسهم.

و بالتالي، عزيزتي الأم.. عزيزي الأب.. احرص على أن توفر لطفلك ما يحتاج إليه من كتب حسب ميوله، ففي رأي ماريناك إن الخيال يناسب بدرجة كبيرة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 6 سنوات، وعلى الصعيد نفسه طرحت دراسة تم إجرائها عام 2006، تم اختيار عينة ضمت 84% من تلاميذ الصف الأول،  ركز اختيار هذه العينة على كتب القصص التي ضمت خليطاً من قصص الحيوانات، إلى جانب مجموعة من المجلات والمجالات الأخرى.

وفي النهاية يجدر بنا القول أنه مهما كان اختيار طفلك، لا تحاول القليل من هذا الاختيار أو ذمه، لأن الشيء الأساسي الذي يجب أن تتذكره هو أن تعمل على خلق طفل محب للكتب والقراءة.