هل تغيير السلوك أمرٌ شديد الصعوبة ؟


 

ما الذي بإمكانك فعله لجعل تغيير السلوك  أسهل؟

هناك أدلة تاريخية تشير إلى أن البابليين القدماء منذ 4000 عام كانوا يتخذون قراراتٍ للعام الجديد في نهاية كل عام.

على الرغم من أن التقويمات الخاصة بنا قد تغيرت على مر السنين، إلا أن قدرة البشر على تذكر الماضي وتوقع المستقبل تهيّئنا على ما يبدو لإقامة احتفالات بمناسبة مرور الوقت.

في الولايات المتحدة، أصبح شرب الشمبانيا ومشاهدة الألعاب النارية والغناء هو الاتجاه العام لاستقبال العام الجديد.

ومع ذلك، يصرّح ما يقرب من 40٪ من الأمريكيين إنهم يخططون لاتخاذ قرارات بمناسبة العام الجديد كل عام.

لسوء الحظ، يتابع عدد أقل بكثير هذا التصميم.

ويرجع ذلك جزئيًا إلى ميلنا إلى الاعتماد على أهداف غامضة وطموحة، عوضًا عن تحديد أهداف واقعية، ووضع خطط مفصلة لكيفية تحقيقها. 

ولكن لنفترض أنك حددت تغييرًا تلتزم بإجرائه ولديك الدافع للبدء فيه. سواء كان هدفك هو تنظيف أسنانك بالخيط أكثر، أو الالتزام بالميزانية، أو أن تكون أكثر لطفًا مع زوجتك، فهناك أشياء يمكنك القيام بها لزيادة نجاح جهودك.

أحد العوامل الحاسمة هو الطريقة التي تؤثر بها بيئتك على اختياراتك السلوكية.

بقدر ما نود أن نؤمن بتفوق العقل على المادة، فإننا في الواقع نعيش حياتنا تحت رحمة الجاذبية، والحاجة إلى الغذاء، والنوم، وجني المال، وترابطنا مع الآخرين.

لحسن الحظ، مع التخطيط الصحيح يمكننا استخدام بعض هذه العوامل الظرفية لتعزيز التغييرات التي نريد إجراؤها.

وليست تلك بفكرةٍ جديدة. على سبيل المثال، تتطلب العديد من برامج إنقاص الوزن الرسمية من الأشخاص أن يقصروا تناولهم للطعام على مكان واحد، وباستخدام أطباق معينة فقط، لتسهيل التحكم في الكمية.

بوسعنا استخدام عملية مماثلة لإدارة سلوكنا. لذلك، إذا كنت تريد الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية عدة أيام في الأسبوع بعد العمل، اترك بعض الملابس الرياضية الإضافية في السيارة حتى لا يكون نسيانك لإحضارها عائقًا أمام ذهابك.

إذا كان مكتبك مزدحمًا للغاية، فلن تتمكن من العثور على فواتيرك، وبالتالي لن تهتم بوضع الميزانية، اقض بعض الوقت في التنظيم حتى لا تصبح فوضى مكتبك عائقًا أمام إدارة أموالك.


إذا كنت لا تتذكر دائمًا ما إذا كنت قد تناولت الفيتامينات الخاصة بك أم لا، فضع عددًا محددًا منها في علبة الدواء كل أحد من كل أسبوع، حتى يكون لديك طريقة لتتبعها. يمكن أن يؤدي استخدام مثل هذه الحوافز الظرفية إلى إحداث فرق كبير في قدرتك على متابعة قرارتك اليومية.

يساعدنا أيضًا تلقي الدعم الاجتماعي، بالطبع يعد بدء نظام غذائي أو خطة تمارين مع صديق أكثر متعة من اتباعها بمفردك، وكذلك بوسعكما محاسبة بعضكما البعض.

ومع ذلك، فإن إخبار شريكك الذي لا يتبع نظامًا غذائيًا بأن يتأكد من عدم تناولك لوجبة خفيفة بعد العشاء قد يساعدك في الأوقات العصيبة التي تكون فيها على وشك تدمير نظامك الغذائي.

في بعض الأحيان قد يقاوم الأشخاص الموجودون في حياتك جهودك للتغيير أو يعرقلونها.

على سبيل المثال، قد تشعر الزوجة التي لا تزال تدخن بالتهديد لإقلاع زوجها عن التدخين إذا لم تكن مستعدةً بعد لبذل الجهد بنفسها.

إذا وجدت أن الأشخاص من حولك لا يريدون منك إجراء تغييرات مفيدة في حياتك، فقد يكون الوقت قد حان للبحث عن علاج لمعرفة كيفية التعامل مع هذه العلاقات.

في بعض الحالات، يعتمد تغيير السلوك على تطوير مهارات جديدة.

إذا كنت ترغب في تناول كميات أقل من الطعام بالخارج، فقد تحتاج إلى التفكير في حضور بعض دروس الطبخ لتقليل صعوبة تحضير الوجبات في المنزل.

إذا لم تكن قد ذهبت لصالة الألعاب الرياضية منذ فترة، فقد يساعدك تحديد موعد لجلسة خاصة مع مدرب.

أخبر طلابي باستمرار أن الذهاب إلى مدرس أو مدرب أكاديمي لا يعني أنهم طلاب ضعيفو المستوى بقدر ما لا يعني أخذ دروس التنس أنهم ليسوا رياضيين جيدين. يهدف التدريب إلى مساعدتك على تحسين قدراتك، مما يجعل ممارسة السلوك الجديد أسهل وأكثر متعة.


هناك خطآن آخران يقوم بهما الناس عند محاولتهم تغيير السلوك.

الأول هو افتراضهم أنه يجب أن يعاقبوا أنفسهم على الفشل عوضًا عن مكافأتهم على النجاح.

إذا كانت العقوبة فعلاً رادعًا فعالًا للسلوك، فإن عددًا أقل منا سيقود بسرعة على الطريق السريع، ومن ثمَّ نجد أنفسنا في مشكلة مع آبائنا أو رؤسائنا أو النظام القانوني.

جادل عالم النفس السلوكي «بورهوس فريدريك سكينر» أن العقوبة تدفعنا ببساطة إلى تجنب السلوك عندما نعتقد أننا قد نتعرض لأن يُقبض علينا، ولكنها لا تعالج الحاجة التي حفزت هذا السلوك في المقام الأول.

فكّر لمدة دقيقة حول إنقاص الوزن.يأكل الكثير منا للسيطرة على مشاعرنا ونشعر بالذنب المزمن بشأن وزننا.

لكن بدء نظام غذائي بنية التنازل عن شيء تحبه إذا أخطأت هو حرفياً وصفة لكارثة. عندما نأكل لأننا غاضبون، فإننا نلبي حاجة على حساب أخرى مما يجعلنا نشعر بأننا أسوأ.

وفي النهاية، غالبًا ما نتخلى عن العملية برمتها. ماذا لو أنك عوضًا عن ذلك كافأت نفسك في الأيام التي كنت فيها ناجحًا؟ يمكن أن يؤدي القيام بذلك إلى تعزيز حافزك للاستمرار، حتى لو كانت لديك هفوات عرضية.

سبب آخر للفشل ينبع من أننا نرى تغيير السلوك على أساس الكل أو لا شيء.

في كثير من الأحيان، يضع الأشخاص أهدافًا عالية للغاية ويفترضون أنه حتى لو حدثت زلة واحدة فإنها تمحو كل النجاحات السابقة، لذلك قد يتوقفون عن المحاولة.

لوحظت هذه الظاهرة، المسماة تأثير انتهاك العفة، في مجموعة متنوعة من السياقات بما في ذلك اتباع نظام غذائي، والإقلاع عن الكحول أو التدخين، والجهود المبذولة لتغيير السلوكيات الشخصية.

ولكن ماذا لو أدركنا أن تغيير السلوك عملية مستمرة، ووضعنا خطة للتعامل مع الزلّات العرضية؟

إذا كنت تعلم أنه من المحتمل أن تكثر من الطعام في يوم العطلة، فبإمكانك تعديل خطتك لإعطاء الأولوية للحفاظ على الوزن بدلاً من فقدانه خلال فترة الراحة ثم العودة إلى اتباع نظام غذائي في الأسبوع التالي.

إذا كنت تعلم أنه لن يكون لديك وقت للقيام بتمارينك الكاملة لفترة من الوقت، فيمكنك تحديد هدف أصغر قابل للتحقيق مثل القيام بتمارين المعدة (sit ups) عند الاستيقاظ وتمارين الضغط قبل الذهاب إلى النوم حتى لا تفقد نشاطك.

مثل معظم الأشياء في الحياة، لا يجب أن يكون تغيير السلوك مثاليًا ليكون مجزيًا، ويمكن أن تنبع بعض المتعة من هذه العملية.

كان عام 2020 مثالًا على التغيير غير المسبوق وغير المرغوب فيه بالنسبة لنا جميعًا. وربما يكون عام 2021 هو الوقت المثالي لتتحمل مسؤولية سلوكك الخاص حتى تتمكن من جعل قراراتك حقيقةً واقعة.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال