هل استخدام وسائل التواصل يعزز الاكتئاب


 

 تفيد دراسة جديدة أن هناك رابط قوي بين حالة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و نمو مستويات الاكتئاب... حيث يفيد الباحثون أن أي شيء يزيد عن ساعتين في اليوم من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، قد يكون أكثر من اللازم...


إنه اللغز  التقليدي المعروف "الدجاجة أم البيضة".

 ربطت الأبحاث الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب.  

إلا أن الخبراء اختلفوا حول ما إذا كان الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي يساهم في الاكتئاب أو إذا كان الأشخاص المصابون بالاكتئاب ينجذبون ببساطة إلى الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي.

و كانت نتائج دراسة جديدة في المجسالة الأمريكية للطب الوقائي the American Journal of Preventive  قد وفرت نتائج جديدة حول "وسائل التواصل الاجتماعي وكيف تكون ضارة".

حيث  قام فريق الدراسة بإجراء الدراسة على أكثر من 1300 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاماً ،  وتم فحصهم للكشف عن الاكتئاب. 

و قد جمع الباحثون أيضاً معلومات عن الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي لكل شخص بالإضافة إلى معلومات عن العرق ، والجنس ، وحجم الدخل ، وحالة العلاقات الشخصية ، وتجارب الطفولة السلبية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى المرتبطة بتطورالاكتئاب بداخلهم.

لقد كان الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و الاكتئاب قوياً جداً ، وكان واضحاً للغاية.

و بعد ستة أشهر من جمع هذه البيانات الأساسية ، تابع الباحثون مع المشاركين في الدراسة.

 و وجدوا أنه من بين أولئك الذين لم يصابوا بالاكتئاب في بداية تلك الدراسة ، كان الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي مرتبطاً بقوة بظهور الاكتئاب. 

فكلما زاد الوقت الذي يقضيه الشخص غير المكتئب على وسائل التواصل الاجتماعي في بداية الدراسة ، زادت احتمالات إصابة هذا الشخص بالاكتئاب.

يقول بريان بريماك Brian Primack ،  الحاصل على درجة الدكتوراه في الطب ، وأستاذ الصحة العامة والطب في جامعة أركنساس University of Arkansas:

"لقد كان الارتباط بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و الاكتئاب قوياً للغاية ، و كان واضحاً جلياً أثناء الدراسة". 

إذ أنه و بالمقارنة مع الأشخاص الذين كانوا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ساعتين أو أقل كل يوم ، فإن أولئك الذين ظلوا لمدة خمس ساعات أو أكثر كانوا أكثرعرضة للإصابة بالاكتئاب بثلاث مرات تقريباً خلال فترة الدراسة التي استمرت حوالي ستة أشهر.

و قد أصيب  من بين حوالي 300 شخص مروا بأخف مستوى من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، حوالي 6 ٪ بالاكتئاب أثناء الدراسة. و من بين حوالي 150 شخصاً وقعوا في فخ الاستخدام الأكثر، حيث قفز هذا الرقم فيما بعد إلى 17٪ .

 كما تابع بريماك Primack  و زملاؤه الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب في بداية الدراسة.  و كانت تميل هذه المجموعة إلى قضاء جزء كبير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي - حوالي ثلاث ساعات في اليوم في المتوسط.

و لكن لم يكن هناك دليل على أن هؤلاء الأشخاص أمضوا المزيد من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة الدراسة التي استمرت ستة أشهر.  يقول بريماك : "إذا كنت تريد أن تجادل بأن الاكتئاب يجعل الناس يقضون وقتاً أطول على وسائل التواصل الاجتماعي ، فإننا لم نجد ذلك مطلقاً ".

"إن معظم الناس لا يحتاجون إلى التخلي تماماً عن وسائل التواصل الاجتماعي ، لكنهم سيرغبون في التأكد من أنهم لا يقضون الكثير من الوقت فيها ."

 

التأثير السلبي 

يمكن أن يؤدي تأثير "وسائل التواصل" إلى شعور الأشخاص بالسوء تجاه أنفسهم :

يقول جان توينغ Jean Twenge، أستاذ علم النفس بجامعة ولاية سان دييغو ، ومؤلف كتاب iGen الذي يقوم بدراسة آثار التكنولوجيا على شباب اليوم :

" لقد وجدت العديد من الدراسات أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي مرتبط بالاكتئاب ، و لكن لم يكن من الواضح ما إذا كان استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تسبب في الاكتئاب أو أن  الاكتئاب تسبب في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"  . 

و يقول توينغ  Twenge ، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة ، أن إحدى أفضل الطرق لإثبات العلاقة السببية يكمن في تتبع نفس الأشخاص بمرور الوقت :

"هذه الدراسة تفعل ذلك بالضبط ، و النتائج واضحة: استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تسبب لاحقاً الاكتئاب ، لكن الاكتئاب لم يتنبأ باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لاحقاً."

 و أضاف توينغ قائلاً: "لا يحتاج معظم الناس إلى التخلي تماماً عن وسائل التواصل الاجتماعي ، لكنهم يريدون التأكد من أنهم لا يقضون وقتاً طويلاً في استخدامها". و تشير هذه الدراسة إلى أن أي شيء يزيد عن ساعتين في اليوم قد يكون أكثر من اللازم.

و يقدم بريماك و زملاؤه العديد من التفسيرات المدعومة بالأدلة للعلاقة الملحوظة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و الاكتئاب. و ذلك  لسبب واحد ، أن الوقت الذي يقضيه المرء على وسائل التواصل الاجتماعي يبتعد عن الوقت الذي يقضيه في

"تكوين علاقات شخصية أكثر أهمية ، أو تحقيق أهداف حقيقية ، أو حتى مجرد الاستمتاع بلحظات من التفكير الجيد" .

كما يذكرون أيضاً ما يسمى بتأثير "نشوة الصور" ، أو الفكرة القائلة بأن " رؤية صور براقة أو مغرية لأقران المرء و أصدقائه  قد تجعل الناس يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم ".  و كتب بريماك و زملاؤه يقولون :

"خاصة بالنسبة للشباب ، الذين يمرون بمنعطفات حرجة من حياتهم تتعلق بتطور الهوية ، فقد يؤدي التعرض لصور يصعب الوصول إليها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تسهيل الإدراك الاكتئابي".

أما النظرية الثالثة التي يطرحونها - و هي نظرية بدأت في جذب المزيد من الاهتمام - هي أن الطرق التي يتفاعل بها الدماغ مع المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي قد تتداخل بطريقة ما مع العمليات المعرفية الطبيعية والصحية داخل الدماغ.  

حيث أدى نوع نشاط المكافأة والتحفيز الذي تحفزه وسائل التواصل الاجتماعي إلى إجراء مقارنات مع المواد أو السلوكيات التي تسبب الإدمان ، و قد يؤدي الكثير من هذا إلى حدوث خلل في التنظيم الدماغي- خاصة خلال فترات نمو الدماغ.


و يختتم بريماك دراسته بقوله:

"لا أعتقد أن هذه الدراسة تقدم دليلاً قوياً على السببية".  فهناك حاجة إلى مزيد من العمل.

و "لكنني أعتقد أنها تعزز الرأي القائل بأن الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي قد يساهم في حدوث الاكتئاب."

أحدث أقدم

نموذج الاتصال